أولاً: لما كان من معاني الوكيل: المتولي لأمر عباده حيث منه سبحانه الإيجاد والخلق، ومنه الإمداد بالرزق وأسباب الحياة ومنه الإعداد وأصناف النعم. فإن هذا يستلزم عبادته وحده لا شريك له ومحبته وإجلاله ورجاءه والخوف منه وحده سبحانه وحمده وشكره.
ثانيًا: ولما كان الله - عز وجل - هو المتفرد برزق عباده وبيده النفع والضر، وبيده الموت والحياة فإن هذا يقتضي أوصافًا عظيمة من أوصافه سبحانه الأخرى كحياته وعلمه وقدرته وقوته ورحمته وجوده وكرمه إلى غير ذلك من الأوصاف الحميدة التي يقتضيها اسمه الوكيل والكفيل.
ثالثًا: صدق التوكل على الله وحده في جلب المنافع، ودفع المضار ونفض القلب واليد عمن سواه؛ لأنه سبحانه الضامن لرزق عباده المدبر لشؤونهم، الراعي لمصالحهم بحكمة وعلم وقدرة مطلقة، وهذا يقتضي عدم التعلق بالأسباب مع فعلها لأن الله - عز وجل - أمر بالأخذ بالأسباب الشرعية والنظر فيها إلى مسببها وخالقها وهو الله سبحانه الذي إن شاء نفع بها، وإن شاء أبطلها فعاد الأمر والتأثير والتدبير إلى الله وحده الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء وهو الحي الذي لا يموت، قال الله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58] ، وقال سبحانه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) } [الشعراء: 317] ، فالوكيل سبحانه حي لا يموت، عزيز لا يغلب، رحيم يرعى مصالح عباده ويسوق الخير إليهم بعلم وحكمة، أما من سواه فإنه يموت ويُغلب، ولا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا فضلاً عن أن يملكه لغيره .. وحقيقة التوكل تكون في غاية الاعتماد على الله تعالى مع غاية الثقة في كفايتة وقدرته.