فهرس الكتاب
الصفحة 394 من 683

وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:"و (الاستعانة) تجمع أصلين: الثقة بالله، والاعتماد عليه. فإن العبد قد يثق بالواحد من الناس، ولا يعتمد عليه في أموره - مع ثقته به - لاستغنائه عنه. وقد يعتمد عليه - مع عدم ثقته به - لحاجته إليه، ولعدم من يقوم مقامه. فيحتاج إلى اعتماده عليه. مع أنه غير واثق به."

و (التوكل) معنى يلتئم من أصلين: من الثقة، والاعتماد، وهو حقيقة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) } [الفاتحة: 5] وهذان الأصلان - وهما التوكل، والعبادة - قد ذكرا في القرآن في عدة مواضع، قرن بينهما. هذا أحدها" (1) ."

وصدق التوكل على الله تعالى من علامات الإيمان الحق، قال - عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) } [الأنفال: 2] .

رابعًا: لما كان من معاني (الوكيل) و (الكفيل) الضامن لرزق عباده، المتكفل بذلك لهم فإن الإيمان بهذا يمحو القلق والهلع على الرزق في الدنيا، وهذا يلقي الطمأنينة والسكينة في قلوب عباده المتوكلين عليه، ويجعلهم يأخذون بالأسباب المشروعة في طلب الرزق وينأون بأنفسهم عن الأسباب المحرمة.

ويرضون بما كتب الله تعالى لهم من الرزق لأنه سبحانه العليم الحكيم الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويضيق على من يشاء، قال سبحانه: {* وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) } [هود:6] ، وقال - عز وجل: {* وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) } [الشورى: 27] .

(1) مدارج السالكين 1/ 75.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام