فهرس الكتاب
الصفحة 36 من 683

الثالث: أن تقطعوا أطماعكم عن إدراك حقيقة الكيفية؛ لأن إدراك حقيقة الكيفية مستحيل وهذا نص الله عليه في سورة (طه) حيث قال: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} (110) (1) 1)

[طه: 110] .

ويفصل الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - هذه القواعد الثلاث فيقول في تفصيل القاعدة الأولى وهي"التنزيه":"من أسباب عبادة الأصنام: الغلوُّ في المخلوق؛ وإعطاؤه فوق منزلته؛ حتى جُعل فيه حظُّ من الإلهية، وشبَّهوه بالله سبحانه."

وهذا هو التشبيه الواقع في الأمم الذي أبطله الله سبحانه، وبعث رسله؛ وأنزل كتبه بإنكاره؛ والردِّ على أهله.

فهو سبحانه ينفي وينهى أن يجعل غيرُه مثلاً له، وندًا له، وشبهًا له؛ لا أن يُشبَّه هو بغيره، إذ ليس في الأمم المعروفة أمةٌ جعلته سبحانه مثلاً لشيء من مخلوقاته، فجعلت المخلوق أصلاً؛ وشبَّهت به الخالق، فهذا لايُعرف في طائفة من طوائف بني آدم، وإنما الأوَّل: هو المعروف في طوائف أهل الشرك؛ غلوًا فيمن يُعظِّمونه ويُحبِّونه؛ حتى شبَّهوه بالخالق؛ وأعطوه خصائص الإلهية؛ بل صرَّحوا أنه إلهٌ، وأنكروا جعل الآلهة إلهًا واحدًا، وقالوا: {وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ} [ص: 6] ، وصرَّحوا بأنه إله معبودٌ؛ يُرجى ويُخاف؛ ويُعظَّم ويُسجد له؛ ويُحلف باسمه؛ وتقرَّب له القرابين، إلى غير ذلك من خصائص العبادة التي لا تنبغي إلا لله تعالى.

فكلُّ مشركٍ: فهو مُشبِّهٌ لإلهه ومعبوده بالله سبحانه؛ وإن لم يُشبِّهه به من كلِّ وجهٍ، حتى إن الذين كفروا وصفوه سبحانه بالنقائص، والعيوب، كقولهم: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} [آل عمران: 181] ، وإن: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 64] . وإنه استراح لما فرغ من خلق العالم ... (2) 1).

(1) منهج دراسة الأسماء والصفات"باختصار".

(2) إغاثة اللهفان 2/ 322، 323.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام