فهرس الكتاب
الصفحة 35 من 683

والإيمان بما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يصف الله بعد الله أعلم بالله من رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال في حقه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (4) [النجم: 3، 4] ، فيلزم كل مكلف أن يؤمن بما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم وينزه الله - جل وعلا - عن أن تشبه صفته صفة الخلق. وحيث أخل بأحد هذين الأصلين وقع في هوة ضلال، لأن من تنطع بين يدي رب السماوات والأرض، وتجرأ على الله بهذه الجرأة العظيمة ونفى عن ربه وصفًا أثبته لنفسه فهذا مجنون فالله - جل وعلا - يثبت لنفسه صفات كمال وجلال فكيف يليق لمسكين جاهل أن يتقدم بين يدي رب السماوات والأرض ويقول: هذا الذي وصفت به نفسك لا يليق بك ويلزمه من النقص كذا وكذا، فأنا أؤوله وألغيه وآتى ببدله من تلقاء نفسي من غير استناد إلى كتاب أو سنة. سبحانك هذا بهتان عظيم! ومن ظن أن صفة خالق السماوات والأرض تشبه شيئًا من صفات الخلق فهذا مجنون جاهل، ملحد ضال، ومن آمن بصفات ربه - جل وعلا - منزهًا ربه عن تشبيه صفاته بصفات الخلق فهو مؤمن منزه سالم من ورطة التشبيه والتعطيل. وهذا التحقيق هو مضمون: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) } [الشورى: 10، 11] ، فهذه الآية فيها تعليم عظيم يحل جميع الإشكالات، ويجيب عن جميع الأسئلة حول الموضوع. ذلك لأن الله قال: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} بعد قوله: لَيْسَ {كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} .

ومعلوم أن السمع والبصر من حيث هما سمع وبصر يتصف بهما جميع الحيوانات، فكأن الله يشير للخلق ألا ينفوا عنه صفة سمعه وبصره بادعاء أن الحوادث تسمع وتبصر وأن ذلك تشبيه بل عليهم أن يثبتوا له صفة سمعه وبصره على أساس لَيْسَ {كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فالله - جل وعلا- له صفات لائقة بكماله وجلاله، والمخلوقات لهم صفات مناسبة لحالهم وكل هذا حق ثابت لا شك فيه ...

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام