فهرس الكتاب
الصفحة 359 من 683

فإن الفعل الاختياري يستلزم ذلك استلزامًا ضروريًا، وما فيه من الإتقان والإحكام ووقوعه على أكمل الوجوه يدلُّ على حكمة فاعله وعنايته، وما فيه من الإحسان والنفع ووصول المنافع العظيمة إلى المخلوق يدلُّ على رحمة خالقه وإحسانه وجوده، وما فيه من آثار الكمال يدلُّ على أن خالقه أكمل منه، فمعطي الكمال أحقُّ بالكمال، وخالق الأسماع والأبصار والنطق أحقُّ بأن يكون سميعًا بصيرًا متكلمًا، وخالق الحياة والعلوم والقدر والإرادات أحقُّ بأن يكون هو كذلك في نفسه، فما في المخلوقات من أنواع التخصيصات هو من أدلِّ شيءٍ على إرادة الربِّ سبحانه ومشيئته وحكمته؛ التي اقتضت التخصيص، وحصول الإجابة عَقِيبَ سؤال الطالب على الوجه المطلوب دليلٌ على علم الربِّ تعالى بالجزئيات؛ وعلى سمعه لسؤال عبيده؛ وعلى قدرته على قضاء حوائجهم؛ وعلى رأفته ورحمته بهم، والإحسان إلى المطيعين والتقرُّب إليهم والإكرام وإعلاء درجاتهم يدلُّ على محبته ورضاه. وعقوبته للعصاة والظلمة وأعداء رسله بأنواع العقوبات المشهودة تدلُّ على صفة الغضب، والسخط، والإبعاد، والطرد. والإقصاء يدلُّ على المقت والبغض، فهذه الدلالات من جنسٍ واحدٍ عند التأمل.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام