فهرس الكتاب
الصفحة 352 من 683

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:"قال محمد بن كعب القرظي في اسم (الجبار) إنه سبحانه هو الذي جبر العباد على ما أراد"، فالجبر بهذا المعنى: القهر والقدرة وأنه سبحانه قادر على أن يفعل بعبده ما شاء وإذا شاء منه شيئًا وقع ولا بد، وإن لم يشأ لم يكن ليس كالعاجز الذي يشاء ما لا يكون، ويكون ما لا يشاء" (1) ."

وقال في موطن آخر:"وأما (الجبار) من أسماء الله تعالى فقد فسر بأنه الذي يجبر الكسير ويغني الفقير. والرب سبحانه كذلك، ولكن ليس هذا معنى اسمه (الجبار) (2) ، ولهذا قرنه باسمه (المتكبر) ، وإنما هو الجبروت. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة) (3) فالجبار اسم من أسماء التعظيم كالمتكبر والملك والعظيم والقهار ... فالجبار في صفة الرب سبحانه ترجع إلى ثلاثة معان: الملك، والقهر، والعلو فإن النخلة إذا طالت وارتفعت وفاتت الأيدي سميت جبارة" (4) .

وقد ذكر ابن القيم - رحمه الله تعالى - هذه المعاني في نونيته حيث قال:

كذلك الجبار من أوصافه

ڑوالجبر في أوصافه قسمان

ڑجبر الضعيف وكل قلب قد غدا

ڑذا كسرة فالجبر منه دان

ڑوالثاني جبر القهر بالعز الذي

ڑلا ينبغي لسواه من إنسان

ڑوله مسمى ثالث وهو العلو

ڑفليس يدنوا منه من إنسان

ڑمن قولهم جبارة للنخلة العليا

ڑالتي فاتت لكل بنان (5)

ويقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:"الجبار: هو بمعنى العلي الأعلى، وبمعنى القهار، وبمعنى الرؤوف الجابر للقلوب المنكسرة، وللضعيف العاجز ولمن لاذ به ولجأ إليه" (6) .

ومن خلال الأقوال السابقة لمعنى (الجبار) يتحصل لدينا المعاني التالية:

(1) شفاء العليل 1/ 386، 387.

(2) لعله ينفي هذا المعنى في سياق آية الحشر.

(3) أحمد (23980) ، وأبو داود (873) ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود 1/ 247.

(4) شفاء العليل 1/ 365، 366.

(5) الأبيات 3312 - 3316، 2/ 232.

(6) تفسير السعدي 5/ 301.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام