فهرس الكتاب
الصفحة 315 من 683

سبق القول بأن (الحميد) يأتي بمعنى (المحمود) ، أي: أن الله - عز وجل - هو المحمود في ذاته وفي أسمائه وصفاته وأفعاله، وله الحمد كله وله الثناء الحسن كله، وله الحمد في الأولى والآخرة، وفي السماوات والأرض، وذلك لما يتصف به سبحانه من صفات الكمال والجلال والجمال، ولأن أسماءه كلها حسنى، وأفعاله كلها حسنى تتراوح بين الفضل والرحمة والإحسان، وبين الحكمة والعدل.

وهذه الآثار والمعاني العظيمة لابد أن تثمر في قلب المؤمن آثارًا وعبوديات لله تعالى من أهمها:

أولاً: محبة الله - عز وجل - محبة عظيمة صادقة لا يشاركه فيها أحد من الخلق، وهذه المحبة بدورها تثمر عبوديات أخرى في القلب، كالإخلاص لله تعالى والحياء والأدب مع الله - عز وجل - وعبوديات اللسان والجوارح بالقيام بأوامره، واجتناب نواهيه، والتقرب إليه بطاعته.

ثانيًا: كثرة ذكره سبحانه وشكره، وبخاصة بالأذكار التي تتضمن حمده سبحانه والثناء عليه بالثناء الحسن الذي هو أهل له آناء الليل وأطراف النهار، وعمل اليوم والليلة.

ثالثًا: اليقين بأن الله - عز وجل - هو المستحق للحمد كله على الإطلاق كما قال سبحانه عن نفسه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} واللام في (الحمد) للاستغراق، أي: هو الذي له جميع المحامد بأسرها، وليس ذلك لأحد إلا لله تعالى ولا نحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه، فهو الحميد في ذاته وصفاته وفي أسمائه وفي أفعاله، فله الحمد على كل حال، في كل زمان ومكان، في الشدة والرخاء، والعسر واليسر، وفيما نحب ونكره، كيف لا! وهو العليم الحكيم، الفعَّال لما يريد، المختار لما يشاء، فمهما يقضي ويقدِّر فهو الموافق للحكمة البالغة، والعلم التام، وأما ما ينسب إلى المخلوق من الحمد فهو جزئي، وحقيقته أنه داخل في حمد الله - عز وجل - فما من محمود يحمد على شيء مما دق أو جل إلا والله المحمود عليه بالذات والأولوية.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام