فهرس الكتاب
الصفحة 31 من 683

وقسم: استأثر به في علم غيبه؛ فلم يُطلع عليه أحدًا من خلقه، ولهذا قال:"استأثرت به"أي: انفردت بعلمه.

وليس المراد انفراده بالتسمي به، لأن هذا الانفراد ثابتٌ في الأسماء التي أنزل الله بها كتابه.

ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة:"فيفتح عليَّ من محامده بما لا أحسنه الآن" (1) 1). وتلك المحامد هي بأسمائه وصفاته.

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (لا أحصي ثناءً عليك؛ أنت كما أثنيت على نفسك) (2) 2).

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة) : فالكلام جملةٌ واحدةٌ. وقوله: (من أحصاها دخل الجنة) : صفة لا خبر مستقل، والمعنى: له أسماء متعددة من شأنها أن: (من أحصاها دخل الجنة) .

وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها. وهذا كما تقول: (لفلان مائة مملوك؛ وقد أعدهم للجهاد. فلا ينفي هذا أن يكون له مماليك سواهم مُعدَّوْنَ لغير الجهاد، وهذا لا خلاف بين العلماء فيه) (3) 1).

الوقفة الثالثة:

ما معنى الإحصاء في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من أحصاها دخل الجنة) ؟

جاء عند البخاري رواية أخرى للحديث فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لله تسعة وتسعين اسمًا - مئة إلا واحدًا - لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة. وهو وتر يحب الوتر) (4) 2).

ففي الرواية الأولي قوله: (من أحصاها) ، وفي الرواية الثانية: (لايحفظها) ويؤخذ من هذه الرواية تفسير الإحصاء بالحفظ.

ولقد ذكر أهل العلم في ذلك معاني عظيمة لا يصدق على أحد بأنه أحصاها على وجه التمام والكمال، أو حفظها حتى يأتي بها وهي كما يلي:

1 -عدها وحفظها واستحضارها وأخذها من أدلتها، سواء ما ورد منها في الكتاب أو السنة.

(1) البخاري (4712) .

(2) مسلم (486) .

(3) بدائع الفوائد 1/ 150 - 151.

(4) البخاري كتاب الدعوات باب لله مئة اسم غير واحد (الفتح 11/ 318) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام