وقال:"وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: (اللَّهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك) (1) 1)."
فأخبر: أنه صلى الله عليه وسلم لايحصي ثناءً عليه، ولو أحصى جميع أسمائه لأحصى صفاته، فكان يحصي الثناء عليه، لأن صفاته إنما يعبر عنها بأسمائه" (2) 2)."
ومن أقوى الأدلة على أن أسماء الله - عز وجل - ليست محصورة في"تسعة وتسعين اسمًا"ما رواه عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أصاب أحدًا قط هم ولا حزن فقال: اللَّهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله حزنه وهمه، وأبدل مكانه فرحًا) (3) 3)"."
ففي هذا الحديث دلالة على أن لله - عز وجل - أسماء لم ينزلها في كتاب ولم يعلمها لأحد من خلقه بل استأثر بها في علمه سبحانه وحجبها عن خلقه ولم يظهرها لهم.
وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:"إن الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصرٍ؛ ولا تُحدُّ بعددٍ، فإن لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملكٌ مقربٌ ولا نبيٌ مرسلٌ، كما في الحديث الصحيح: (أسألك بكلِّ اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك) ."
فجعل أسماءه ثلاثة أقسام:
قسم: سمَّى به نفسه؛ فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم، ولم ينزل به كتابه.
وقسم: أنزل به كتابه؛ فتعرف به إلى عباده.
(1) مسلم (486) .
(2) درء تعارض العقل والنقل 3/ 332، 333
(3) رواه أحمد 1/ 391، والحاكم، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (199) .