فهرس الكتاب
الصفحة 29 من 683

ليس في الرواية الصحيحة لهذا الحديث ما يدل على حصر أسماء الله - عز وجل - بالعدد المذكور. وفي ذلك يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى:"اتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه - سبحانه وتعالى - فليس معناه أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين؛ وإنما مقصود الحديث أن هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة، فالمراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحصر الأسماء" (1) 1).

وقال الخطابي:"فجملة"من أحصاها"مكملة للجملة الأولى وليست استثنائية منفصلة، ونظير هذا قول العرب: إن لزيد ألف درهم أعدها للصدقة، وكقولك إن لعمرو مائة ثوب من زاره خلعها عليه. وهذا لا يدل على أنه ليس عنده من الدراهم أكثر من ألف درهم، ولا من الثياب أكثر من مائة ثوب، وإنما دلالته أن الذي أعده زيد من الدراهم للصدقة ألف درهم، وأن الذي أرصده عمرو من الثياب للخلع مائة ثوب" (2) 2).

وقال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - بعد نقله لكلام الخطابي:"وأيضًا فقوله:"إن لله تسعة وتسعين"تقيده بهذا العدد بمنزلة قوله تعالى: تِسْعَةَ {عَشَرَ (30) } [المدثر: 30] ، فلما استقلوهم قال: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر: 31] ، فأن لا يعلم أسماءه إلا هو أولى" (3) 3).

وقال أيضًا في درء تعارض العقل والنقل:"والصواب الذي عليه الجمهور أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة) معناه: أن من أحصى التسعة والتسعين من أسمائه دخل الجنة، ليس مراده أنه ليس له إلا تسعة وتسعون اسمًا."

(1) النووي 17/ 5؛ ويراجع الكلام النفيس لابن حجر - رحمه الله تعالى - في فتح الباري 11/ 218 على هذا الحديث.

(2) الخطابي الدعاء ص 24، عن كتاب المنهج الأسنى ص 28.

(3) مجموع الفتاوى 16/ 381.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام