فهرس الكتاب
الصفحة 3 من 683

وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:"... إن شرف العلم تابع لشرف معلومه، ولا ريب أن أجل معلوم وأعظمه وأكبره فهو الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين، وقيوم السماوات والأرضين، الملك الحق المبين، الموصوف بالكمال كله، المنزه عن كل عيب ونقص، وعن كل تمثيل وتشبيه في كماله، ولا ريب أن العلم به وبأسمائه وصفاته وأفعاله أجل العلوم، وأفضلها. ونسبته إلى سائر العلوم كنسبة معلومه إلى سائر المعلومات. وكما أن العلم به أجل العلوم وأشرفها فهو أصلها كلها ... والمقصود أن العلم بالله أصل كل علم، وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله، ومصالح دنياه وآخرته. والجهل به مستلزم للجهل بنفسه، ومصالحها وكمالها، وما تزكو به وتفلح به، فالعلم به سعادة العبد، والجهل به أصل شقاوته" (1) 1).

ويقول أيضًا:"لا سعادة للعباد، ولا صلاح لهم، ولا نعيم إلا بأن يعرفوا ربهم ويكون هو وحده غاية مطلوبهم، والتعرف إليه قرة عيونهم .. ومتى فقدوا ذلك كانوا أسوأ حالاً من الأنعام. وكانت الأنعام أطيب عيش منهم في العاجل، وأسلم عاقبة في الآجل .." (2) 2).

ويفصل الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى العلم بالله - عز وجل- فيقول:"وأما العلم فيراد به في الأصل نوعان:"

أحدهما: العلم به نفسه؛ وبما هو متصف به من نعوت الجلال والإكرام، وما دلت عليه أسماؤه الحسنى. وهذا العلم إذا رسخ في القلب أوجب خشية الله لا محالة، فإنه لا بد أن يعلم أن الله يثيب على طاعته، ويعاقب على معصيته، كما شهد به القرآن والعيان، وهذا معنى قول أبي حبان التيمي - أحد أتباع التابعين:- (العلماء ثلاثة: عالم بالله ليس عالمًا بأمر الله، وعالم بأمر الله ليس عالمًا بالله، وعالم بالله وبأمر الله. فالعالم بالله الذي يخشى الله، والعالم بأمر الله الذي يعرف الحلال والحرام) .

(1) مفتاح دار السعادة 1/ 312 ط. دار ابن عفان.

(2) …مختصر الصواعق المرسلة 1/ 47.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام