فهرس الكتاب
الصفحة 2 من 683

ولكن لما كانت هذه المعرفة إجمالية، بحيث إنها لا تكفي في معرفة الله -عز وجل- المعرفة الحقة التي تقود إلى عبادته وحده، ومعرفة تفاصيل أسمائه وصفاته التي لا يقوم ساق العبودية وفسطاط التوحيد إلا عليها، ولما يطرأ على الفطرة والعقل من ركام وانحراف واعوجاج كان من تمام رحمته سبحانه وفضله، وإحسانه إلى خلقه أن أرسل إليهم الرسل، وأنزل الكتب ليعرفوا الناس بربهم سبحانه المعرفة التفصيلية التي تنير لهم الطريق إليه، ويدعونهم إلى توحيده وعبادته سبحانه، كما تعرفهم بغايتهم في هذه الدنيا وهي عبادته، ومصيرهم بعد ذلك إلى ربهم وخالقهم يوم القيامة: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) } [النجم: 31] ، وذلك بعد قيام الحجة الرسالية عليهم، وما تضمنت من بيان الحق من الباطل، والتوحيد من الشرك، والهدى من الضلال، وبعد أن عرفتهم على ربهم سبحانه وتفاصيل أسمائه وصفاته التي يتعبدون لله تعالى بها.

والعلم بأسماء الله تعالى وصفاته أشرف العلوم، والمعارف، لأنه العلم الذي يقوم عليه توحيد الرب سبحانه وعبادته. وتوحيد الله - عز وجل- وعبادته أول واجب على المكلف.

إذن فلا جرم كان هذا العلم أشرف العلوم وأرفعها؛ لأن شرف العلم من شرف المعلوم؛ ولما كان المعلوم هو الله سبحانه وأسماءه وصفاته، كان هذا العلم هو أشرف العلوم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام