يغفر ذنبًا؛ ويُفرّج كربًا؛ ويكشف غمًا، وينصر مظلومًا؛ ويأخذ ظالمًا، ويفكُّ عانيًا؛ ويُغني فقيرًا، ويجبر كسيرًا؛ ويشفي مريضًا، ويُقيل عثرةً؛ ويستر عورةً، ويُعِزُّ ذليلاً؛ ويُذِلُّ عزيزًا؛ ويُعطي سائلاً، ويُذهب بدولةٍ ويأتي بأخرى؛ ويداول الأيام بين الناس؛ ويرفع أقوامًا ويضع آخرين، ويسوق المقادير التي قدَّرها قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف عامٍ إلى مواقيتها؛ فلا يتقدَّم شيءٌ منها عن وقته ولا يتأخَّر، بل كلُّ منها قد أحصاه كما أحصاه كتابه؛ وجرى به قلمه؛ ونفذ فيه حكمه؛ وسبق به علمه، فهو المتصرِّف في الممالك كلِّها وحده؛ تصرُّف ملك قادرٍ قاهرٍ، عادلٍ رحيم، تامُّ الملك؛ لا يُنازعه في ملكه منازعٌ؛ ولا يُعارضه فيه معارضٌ، فتصرُّفه في المملكة دائرٌ بين العدل والإحسان؛ والحكمة والمصلحة والرحمة؛ فلا يخرج تصرُّفه عن ذلك" (1) ."
اختصاص الله - عز وجل - بالملك يوم القيامة:
الله - عز وجل - مالك يوم الدين والدنيا، ولكن ذكر عن نفسه سبحانه أنه {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} لأن هناك من يدعي في الدنيا أنه ملك يأمر وينهى ويمتلك الضياع والقصور والذهب والفضة، ولكن ملكهم هذا عارية زائلة فإما أن يزول ملكهم عنهم أو يزولوا عنه، أما يوم الدين والحساب فإن أحدًا لا يدعي أنه يملك شيئًا لأن الناس يحشرون حفاة عراة غرلاً بُهمًا كما وصفهم الله سبحانه بقوله: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} ... الآية [الأنعام: 94] ، وقال سبحانه عن ملكه يوم القيامة: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26) }
[الفرقان: 26] .
(1) طريق الهجرتين وباب السعادتين ص 228، 229.