ولسعة علم الله فإن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، لا من الجماد، ولا من الحيوان، ولا النبات، سواءً كان صغيرًا أو كبيرًا، ظاهرًا أو خفيًا.
وقد ضرب الله لنا الأمثال لنتعرف على سعة علمه تبارك وتعالى فقال: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) } [لقمان: 27] ، وقال: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) } [الكهف: 109] .
وقد أخبرنا ربنا عن سعة علمه في الآيتين السابقتين بمثل ضربه، كي يفقهه أولو الألباب، ضرب الله مثلاً لكلماته التي خلق بها الخلق، وأوجد بها الكون، بأن أشجار الأرض كلها لو تحولت إلى أقلام يكتب بها، وتحولت البحار إلى مداد، وفنيت بحار الأرض كلها، وجيء بقدر هذه البحار سبع مرات، لفني هذا كله، وبقيت كلمات الله لم تنفد.
3 -سعة رحمة الله ومغفرته: والله واسع في رحمته، كما قال سبحانه: {عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156] ، وقال حملة العرش في دعائهم ربهم: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: 7] .
وسعة رحمة الله تظهر فيما أنزله الله على عباده من الكتب، وفيمن أرسله من الرسل لهدايتنا إلى الصراط المستقيم، كما تظهر في خلقنا وإيجادنا ورزقنا وإطعامنا، وهذا باب كبير، حيثما نظر العبد في كون الله الواسع شاهده ظاهرًا مشهودًا.
والله واسع في مغفرته وعفوه فمهما عظمت ذنوب العباد، فإن عفو الله ومغفرته أوسع وأعظم، كما قال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ}
[النجم: 32] .