فهرس الكتاب
الصفحة 224 من 683

وقال الخطابي:"معنى الإحكام لخلق الأشياء، إنما ينصرف إلى إتقان التدبير فيها، وحسن التقدير لها، إذ ليس كل الخليقة موصوفًا بوثاقة البنية، وشدة الأسر كالبقة، والنملة، وما أشبهها من ضعاف الخلق، إلا أن التدبير فيهما، والدلالة بهما على كون الصانع وإثباته ليس بدون الدلالة عليه بخلق السماوات والأرض، والجبال، وسائر معاظم الخليقة. وكذلك هذا في قوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: 7] ، لم تقع الإشارة به إلى الحسن الرائق في المنظر، فإن هذا المعنى معدوم في القرد والخنزير والدّب وأشكالها من الحيوان، وإنما ينصرف المعنى فيه إلى حسن التدبير في إنشاء كل شيء من خلقه على ما أحب أن ينشئه عليه، وإبرازه على الهيئة التي أراد أن يهيئه عليها كقوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) } [الفرقان: 2] " (1) .

وقال الطبري رحمه الله تعالى:" (الحكيم) : الذي لا يدخل تدبيره خلل ولا زلل" (2) .

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:"قد دلت العقول الصحيحة والفطر السليمة على ما دل عليه القرآن والسنُّة: أنه سبحانه (حكيم) لا يفعل، شيئًا عبثًا ولا لغير معنى ومصلحة وحكمة هي الغاية المقصودة بالفعل. بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فعل كما فعل كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل .. وقد دل كلامه وكلام رسوله على هذا. وهذا في مواضع لا تكاد تحصى، ولا سبيل إلى استيعاب أفرادها" (3) .

وقال أيضًا:"اسم (الحكيم) من لوازمه: ثبوت الغايات المحمودة المقصودة له بأفعاله ووضعه للأشياء في مواضعها وإيقاعها على أحسن الوجوه، فإنكار ذلك إنكار لهذا الاسم ولوازمه" (4) .

(1) شأن الدعاء للخطابي ص 73، 74.

(2) تفسير الطبري 1/ 436.

(3) شفاء العليل 1/ 190.

(4) مدارج السالكين 1/ 31.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام