فهرس الكتاب
الصفحة 190 من 683

8 -الخوف منه سبحانه وحده، وعدم الخوف من المخلوق الضعيف (1) الذي لا يملك لنفسه ضرّاً ولا نفعًا، فضلاً عن أن يملكه لغيره، وحينما يذكر العبد ربه باسمه العظيم وتقوم في القلب معانيه وآثاره؛ فإن هذا ينعكس على أعماله وأحواله ومواقفه، بحيث لا تطير نفسه شعاعًا عندما يصدر من مخلوق متمكن تهديد في رزق أو حياة، وإنما تعظيم الله - عز وجل - بلسانه وقلبه يجعله ينظر إلى المخلوق الضعيف بما يناسب قدره، وتستولي على القلب عظمة الله سبحانه وكبرياءه فتتبدد المخاوف ويحل محلها الشجاعة، والطمأنينة، والإقدام، وعدم الانصياع للتهديد والمخاوف.

اقتران اسمه سبحانه (العظيم) باسمه سبحانه (العلي) .

قال الله - عز وجل: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) }

[البقرة: 255] .

وقال سبحانه: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4) } [الشورى: 4] .

وعن بعض أسرار اقتران هذين الاسمين الكريمين يتحدث الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:"قد شرع الله سبحانه لعباده ذكر هذين الاسمين: (العلي؛ العظيم) في الركوع والسجود، كما ثبت في الصحيح أنه: (لما نزلت: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ(74) } [الواقعة: 74] ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم. فلما نزلت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) } [الأعلى: 1] ، قال: اجعلوها في سجودكم) (2) ."

وهو سبحانه كثيرًا ما يقرن في وصفه بين هذين الاسمين، كقوله: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4) } [الشورى: 4] .

وقوله: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23) } [الحج: 62، سبأ: 23] .

(1) * والمقصود بالخوف هنا: الخوف الذي يقعد بصاحبه عن فعل واجب أو يدفعه إلى محرم، أما الخوف الجبلي فلا يلام عليه.

(2) لم أقف عليه في الصحيح، ولكن رواه أحمد 4/ 155، وأبو داود (869) ، وضعَّفه الألباني في ضعيف أبي داود (184) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام