وقوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) } [الرعد: 9] .
يثبت بذلك علوه على المخلوقات وعظمته، فالعلو: رفعته، والعظمة: عظمة قدره - ذاتًا ووصفًا" (1) ."
ومن هذه الأسرار الجميلة، والحكم الجليلة المتعلقة بهذا الاقتران: قوله رحمه الله تعالى:"إنه سبحانه قرن بين هذين الاسمين الدالَّيْن على عُلُوِّه وعظمته في آخر آية الكرسي، وفي سورة الشورى، وفي سورة الرعد، وفي سورة سبأ في قوله: {قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23) } [سبأ: 23] ."
ففي آية الكرسي: ذَكَر الحياة - التي هي: أصل جميع الصفات - وذكر معها قيوميته - المقتضية لذاته وبقائه، وانتفاء الآفات جميعها عنه؛ من النوم والسِّنة والعجز وغيرها - ثم ذكر كمال ملكه، ثم عقَّبه بذكر وحدانيته في ملكه؛ وأنه لا يشفع عنده أحدٌ إلا بإذنه، ثم ذكر سعة علمه وإحاطته، ثم عقَّبه بأنه لا سبيل للخلق إلى علم شيءٍ من الأشياء إلا بعد مشيئته لهم أن يعلموه، ثم ذكر سعة كرسيه؛ منبهًا به على سعته - سبحانه - وعظمته وعُلُوّه؛ وذلك توطئة بين يدي ذكر عُلُوِّه وعظمته، ثم أخبر عن كمال اقتداره، وحفظه للعالم العلويِّ والسفليِّ من غير اكتراث ولا مشقةٍ ولا تعبٍ، ثم ختم الآية بهذين الاسمين الجليلين الدالَّيْن على عُلُوِّ ذاته وعظمته في نفسه" (2) ."
"ولله - عز وجل - صفة كمال من اسمه (العلي) ، وصفة كمال من اسمه (العظيم) ، وصفة كمال ثالثة من اجتماعهما، فقد حاز العلو بكل أنواعه، وجمع العظمة بكل صورها، فهو عظيم في علوه، عالٍ في عظمته سبحانه ولعل تقديم اسم (العلي) على (العظيم) من تقديم السبب على المسبب لأنه - عز وجل - عظم لعلوه على كل شيء" (3) .
(1) الصواعق المرسلة 4/ 1364.
(2) الصواعق المرسلة 4/ 1371.
(3) انظر"مطابقة أسماء الله الحسنى مقتضى المقام في القرآن الكريم"د. نجلاء كردي ص 474.