ومن علامات تعظيم الأمر والنهي: أن لا يسترسل مع الرخصة إلى حد يكون صاحبه جافيًا غير مستقيم على المنهج الوسط؛ مثال: ذلك أن السنة وردت بالإبراد بالظهر في شدة الحر، فالترخص الجافي أن يبرد إلى فوات الوقت أو مقاربة خروجه فيكون مترخصًا جافيًا ...
... فحقيقة التعظيم للأمر والنهي أن لا يعارضا بترخص جاف، ولا يعرضا لتشديد غالٍ؛ فإن المقصود هو الصراط المستقيم الموصل إلى الله - عز وجل - بسالكه. وما أمر الله - عز وجل - بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان إما تقصير وتفريط، وإما إفراط وغلو، فلا يبالي بما ظفر من العبد من الخطيئتين ...
... ومن علامات تعظيم الأمر والنهي: أن لا يحمل الأمر على علة تضعف الانقياد والتسليم لأمر الله - عز وجل - بل يسلم لأمر الله تعالى وحكمه، ممتثلاً ما أمر به، سواء ظهرت له حكمته أو لم تظهر، فإن ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه حمله ذلك على مزيد الانقياد والبذل والتسليم ..." (1) ."
6 -تعظيم كتابه سبحانه وعدم التقدم بين يديه، بحيث ينقاد له ويسلم، ويحكِّمه في الصغير والكبير، ويتحاكم إليه، ويرضى بحكمه ويسلم. فلم يعظم الله - عز وجل - من هجر كتابه ولم يحكم به أو يتحاكم إليه.
7 -الاستعانة بالله وحده وصدق التوكل عليه، وتفويض الأمور إليه مع الأخذ بالأسباب المشروعة، وعدم الركون إليها، وإنما الركون إلى الكبير المتعال الذي قهر كل شيء بكبريائه وعظمته، وخضع لسلطانه كل مخلوق مهما علا شأنه، وهذا يورث الطمأنينة والثقة الكاملة بالله - عز وجل - الذي نواصي الخلق بيده سبحانه مما يكون له أثر عظيم في الثبات، ورباطة الجأش عند الشدائد والمخاوف.
(1) الوابل الصيب، ت: بشير عيون ص 12 - 26"باختصار وتصرف يسير".