فهرس الكتاب
الصفحة 188 من 683

ومن علامات التعظيم للأوامر: رعاية أوقاتها وحدودها، والتفتيش على أركانها وواجباتها وكمالها، والحرص على تحينها في أوقاتها، والمسارعة إليها عند وجوبها، والحزن والكآبة والأسف عند فوت حق من حقوقها كمن يحزن على فوت الجماعة، ويعلم أنه لو تقبلت منه صلاته منفردًا فإنه قد فاته سبعة وعشرون ضعفًا، ولو أن رجلاً يعاني البيع والشراء تفوته صفقة واحدة في بلده من غير سفر ولا مشقة قيمتها سبعة وعشرون دينارًا لأكل يديه ندمًا وأسفًا، فكيف وكل ضعف مما تضاعف به صلاة الجماعة خير من ألف، وألف ألف، وما شاء الله تعالى، فإذا فوّت العبد عليه هذا الربح قطعًا، وهو بارد القلب فارغ من هذه المصيبة غير مرتاع لها، فهذا من عدم تعظيم أمر الله تعالى في قلبه، وكذلك إذا فاته أول الوقت الذي هو رضوان الله تعالى، أو فاته الصف الأول ... وكذلك فوت الخشوع في الصلاة، وحضور القلب فيها. وينبغي أن يعلم أن سائر الأعمال تجري هذا المجرى، فتفاضل الأعمال عند الله تعالى بتفاضل ما في القلوب من الإيمان، والإخلاص، والمحبة، وتوابعها ...

وأما علامات تعظيم المناهي: فالحرص على التباعد من مظانها وأسبابها، وما يدعو إليها، ومجانبة كل وسيلة تقرب منها، كمن يهرب من الأماكن التي فيها الصور التي تقع بها الفتنة خشية الافتتان بها، وأن يدع ما لا بأس به حذرًا مما به بأس ... ومجانبة من يجاهر بارتكابها، ويحسنها، ويدعو إليها، ويتهاون بها، ولا يبالي بما ارتكب منها؛ فإن مخالطة مثل هذا داعية إلى سخط الله تعالى وغضبه، ولا يخالطه إلا من سقط من قلبه تعظيم الله تعالى وحرماته.

ومن علامات تعظيم النهي: أن يغضب لله - عز وجل - إذا انتهكت محارمه، وأن يجد في قلبه حزنًا وحسرة إذا عُصِيَ الله تعالى في أرضه، ولم يُضطلع بإقامة حدوده وأوامره، ولم يستطع هو أن يغير ذلك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام