فهرس الكتاب
الصفحة 180 من 683

والثالث: للمتكبرين المنحرفين - من المنتسبين إلى التصوف والزهد - فإذا تعارض عندهم الذوق والأمر، قدَّموا الذوق والحال ولم يعبؤوا بالأمر.

والرابع: للمتكبرين المنحرفين - من الولاة والأمراء الجائرين - إذا تعارضت عندهم الشريعة والسياسة، قدموا السياسة ولم يلتفتوا إلى حكم الشريعة.

فهؤلاء الأربعة: هُم أهل الكبر. والتواضع: التخلص من ذلك كله.

الثاني: أن لا يتهم دليلاً من أدلة الدين، بحيث يظنه فاسد الدلالة، أو ناقص الدلالة أو قاصرها، أو أن غيره كان أولى منه، ومتى عرض له شيء من ذلك فليتهم فهمه، وليعلم أن الآفة منه، والبلية فيه، كما قيل:

وَكَمْ مِنْ عَائِب قَوْلاً صَحِيحًا وَآفَتُهُ مِنَ الفَهْم السَّقِيمِ

وَلكِنْ تَأخُذُ الأذهَانُ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ القَرَائِحِ وَالفُهُومِ

وهكذا الواقع في حقيقة أنه ما اتهم أحد دليلاً للدين إلا وكان هو المتهم الفاسد الذهن، المأفون في عقله وذهنه، فالآفة من الذهن العليل لا في نفس الدليل.

وإذا رأيت من أدلة الدين ما يشكل عليك، وينبو فهمك عنه فاعلم أنه لعظمته وشرفه استعصى عليك، وأن تحته كنزًا من كنوز العلم، ولم تؤت مفتاحه بعد هذا في حق نفسك.

وأما بالنسبة إلى غيرك فاتهم آراء الرجال على نصوص الوحي، وليكن ردها أيسر شيء عليك للنصوص، فما لم تفعل ذلك فلست على شيء: ولو .. ولو .. وهذا لا خلاف فيه بين العلماء.

قال الشافعي قدَّس الله روحه:"أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم يحل له أن يَدَعَهَا لقول أحَد".

الثالث: أن لا يجد إلى خلاف النص سبيلاً البتة، لا بباطنه ولا بلسانه ولا بفعله ولا بحاله، بل إذا أحس بشيء من الخلاف فهو كخلاف المُقْدِمِ على الزنا، وَشُرْب الخمر، وقتل النفس، بل هذا الخلاف أعظم عند الله من ذلك، وهو داع إلى النفاق، وهو الذي خافه الكبار والأئمة على نفوسهم (1) 1).

(1) مدارج السالكين 2/ 334، 335.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام