وقد سبق ذكر هذا الاقتران عند الحديث عن اسم (الرب) سبحانه وذلك عند قوله تعالى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) } [يس: 58] .
من آثار اسم (الرب) سبحانه أنه: (رحيم) كما في قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) } [الفاتحة: 3،2] فصفة الرحمة من آثار ربوبيته سبحانه (فالرب) على الحقيقة لا يمكن إلا أن يكون رحيمًا، وأن المؤمنين لم يدخلوا الجنة ويتلقوا السلام من ربهم سبحانه إلا برحمته - عز وجل - والتي هي من موجبات ربوبيته تبارك وتعالى.
ثامنًا: اقتران اسمه سبحانه (الرحيم) باسمه - عز وجل - (الودود) :
وجاء هذا الاقتران مرة واحدة في القرآن الكريم وذلك في قوله سبحانه: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90) }
[هود: 90] .
ولا يخفى وجه الارتباط بين هذين الاسمين الجليلين، لأن معنى (الودود) الذي يُحَب ويحب عباده التوابين المنيبين؛ وهذا من موجبات رحمته.
وقد اختار شعيب صلى الله عليه وسلم هذين الاسمين الكريمين وهو يدعو قومه إلى الاستغفار والتوبة، وذلك ليطمعهم في توبة الله - عز وجل - عليهم وأنها مقتضى رحمته سبحانه ومحبته - عز وجل - للمنيبين إليه.
يقول الشيخ السعدي - رحمه الله تعالى - عند قوله تعالى:" { (¨bخ) رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90) } أي: لمن تاب وأناب؛ يرحمه فيغفر له، ويتقبل توبته ويحبه. ومعنى الودود من أسمائه تعالى أنه يحب عباده المؤمنين، ويحبونه، فهو فعول بمعنى فاعل ومعنى مفعول" (1) .
وهنا توجيه آخر في تفسير اقتران هذين الاسمين الكريمين، ألا وهو: أن الرحمة قد تتوجه إلى من لا يُحب، أما (الرب) تعالى فإنه يغفر لعبده إذا تاب ويرحمه ويحبه مع ذلك، فإذا تاب العبد إلى ربه أحبه ربه سبحانه ولو كان منه ما كان.
(1) تفسير السعدي 2/ 385.