فهرس الكتاب
الصفحة 114 من 683

فجمع الله سبحانه بين هذين الاسمين الكريمين؛ لأن بالمغفرة تسقط عقوبة الذنوب، ويستر الله - عز وجل - ذنوب عباده ويقيهم آثامها كما يقي المغفر الرأس من السهام وهذا مقتضى رحمته سبحانه ويدل على ذلك ما ثبت في الصحيح عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه قال:"سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا، فيقول: نعم أي رب حتى إذا أقره بذنوبه ورأى أنه هلك، قال: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم) " (1) .

كما أن في الجمع بين هذين الاسمين الكريمين إشارة إلى الكرم الغامر، والفضل العميم، فإنه كونه سبحانه (الغفور) يقتضي تجاوزه عن الزلات والعثرات فإذا قرن (الغفور) بـ (الرحيم) الذي ظهرت آثار رحمته فهو الفضل الذي ليس وراءه فضل، فالمغفرة تخلية عن الذنوب والرحمة تحلية بالفضل والثواب.

ثالثًا: اقتران اسم (الرحيم) باسمه سبحانه (الرؤوف) :

وجاء هذا الاقتران في ثماني آيات من القرآن الكريم منها قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِن اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) } [البقرة: 143] ، وقوله تعالى: {وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9) } [الحديد: 9] . وهناك مناسبة لا تخفى على المتأمل بين هذين الاسمين وبين الآية التي ختمت بهما، وهذا الاقتران يدل على أعلى درجات الرحمة، والرأفة هي من موجبات الرحمة وآثارها.

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:"وأقرب الخلق إلى الله تعالى أعظمهم رأفة ورحمة كما أن أبعدهم منه: من اتصف بضد صفاته" (2) .

(1) البخاري (2441) ، مسلم (2768) .

(2) الروح ص 557.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام