يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:"إن الأدب مع الله تبارك وتعالى هو القيام بدينه والتأدب بآدابه ظاهرًا وباطنًا. ولا يستقيم لأحد قط الأدب مع الله إلا بثلاثة أشياء: معرفته بأسمائه وصفاته، ومعرفته بدينه وشرعه وما يحب وما يكره، ونفس مستعدة قابلة لينة متهيئة لقبول الحق- علمًا وعملاً وحالاً- والله المستعان" (1) 2).
حادي عشر: المعرفة بالله تعالى وأسمائه وصفاته تبصر العبد بنقائص نفسه وعيوبها وآفاتها فتجهد في إصلاحها.
وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:"أركان الكفر أربعة: الكبر، والحسد، والغضب، والشهوة ... ومنشأ هذه الأربعة من جهله بربه وجهله بنفسه، فإنه لو عرف ربه بصفات الكمال، ونعوت الجلال، وعرف نفسه بالنقائص والآفات لم يتكبر، ولم يغضب لها، ولم يحسد أحدًا على ما آتاه الله."
فإن الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله، فإنه يكره نعمة الله على عبده وقد أحبها الله، وأحب زوالها عنه والله يكره ذلك، فهو مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته وكراهته" (2) 1)."
ثاني عشر: الآثار السيئة والنتائج الوخيمة التي تنتج من فقد العبد لمعرفة أسماء الله تعالى وصفاته، وعدم فهمه لها وتدبرها والتعبد لله تعالى بها.
ويجلي الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى- آثار هذا الفقد أو ضعفه فيقول:"أي شيء عرف من لم يعرف الله ورسله، وأي حقيقة أدرك من فاتته هذه الحقيقة، وأي علم أو عمل حصل لمن فاته العلم بالله والعمل بمرضاته ومعرفة الطريق الموصلة إليه، وماله بعد الوصول إليه" (3) 2)، وقال أيضًا:"إن حياة الإنسان بحياة قلبه وروحه، ولا حياة لقلب إلا بمعرفة فاطره ومحبته وعبادته وحده، والإنابة إليه، والطمأنينة بذكره، والأنس بقربه، ومن فقد هذه الحياة فقد الخير كله ولو تعوض عنها بما تعوض في الدنيا" (4) 1).
(1) مدارج السالكين 2/ 403.
(2) الفوائد 177.
(3) هداية الحيارى ص 591.
(4) الجواب الكافي ص 132.