ثم نهض فدخل منزله، فخاض الناس في أولئك [1] فقال بعضهم:
فلعلهم الذين صحبوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال بعضهم: فلَعلَّهُم الذين
وُلدوا في الإسلام فلم يُشركوا بالله شيئاً، وذكروا أشياء. فخرج عليهم
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه، فقال: «هم الذين لا يَسْترْقُون [2] ،
(1) وفيه: فضيلة هذه الأمة بالكمية والكيفية، قال المصنف رحمه الله تعالى: فالكمية العدد، والكيفية فضيلتهم هم.
قوله: «ثم نهض» أي قام النبي - صلى الله عليه وسلم - «فدخل منزله» .
قوله: «فخاض الناس في أولئك» بالخاء والضاد المعجمتين أي في الأعمال التي اقتضت دخولهم الجنة بلا حساب ولا عذاب «فقال بعضهم لعلهم الذين صحبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» لمزية الصحبة وفضلها «وقال بعضهم: فلعلّهم الذين وُلدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئاً، وذكروا أشياء» .
وفيه: عمق علم الصحابة بمعرفتهم أنهم لم ينالوا ذلك إلا بعمل وحرصهم على الخير. قاله المصنف رحمه الله تعالى.
وفيه: إباحة المناظرة في العلم والمباحثة في نصوص الشرع على جهة الاستفادة وإظهار الحق. قاله النووي.
وفيه: جواز الاجتهاد فيما لم يعلم فيه دليل؛ لأنهم قالوا ما قالوا اجتهاداً منهم، ولم ينكر - صلى الله عليه وسلم - ذلك عليهم، لكن المجتهد لا يجوز له أن يجزم بصواب قوله بل يقول لعل الحكم كذا وكذا، كقول الصحابة. قاله في «قرة العيون» *.
(2) قوله: «فخرج عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه. فقال: «هم الذين لا يسترقون» هكذا أثبت في الصحيحين، وكذا هو في حديث ابن مسعود، وفي مسند أحمد، وفي رواية مسلم: «ولا يرقُون» .
قال شيخ الإسلام [الفتاوى 1/ 182، 328] : «هذه الزيادة وهمٌ من الراوي، لم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا يرقون» ؛ لأن الراقي محسنٌ إلى أخيه، وقد رقى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ورقاه
* ... (ص/41) .