وأنَّ الجنةَ حقٌّ والنَّار حقٌّ [1] ،أدخله الله الجنة على ما كان من العمل [2] ».
(1) أحدهما: أن تُضاف إليه لكونه خلقها وأبدعها، فهذا شاملٌ لجميع المخلوقات، كقولهم: سماء الله، وأرض الله، فجميع المخلوقين عبيدٌ لله، وجميع المال مالُ الله.
الوجه الثاني: أن تُضاف إليه لما خصَّها به من معنىً يحبه ويأمر به ويرضاه، كما خصَّ البيت العتيق بعبادةٍ فيه لا تكون في غيره، وكما يقال في مال الخمس والفيء مالُ اللهِ ورسوله، ومن هذا الوجه فعباد الله هم الذين عبدوه وأطاعوا أمره، فهذه إضافةٌ تتضمن ألوهيته وشرعه ودينه، وتلك إضافة تتضمن ربوبيته وخلقه». انتهى ملخصاً.
وفيه: الإيمان بالمعاد.
وقوله: «وأنّ الجنة حقٌّ والنار حقٌّ» أي: وشهد أن الجنة حق لا شك فيها، وأنها موجودة الآن؛ لأن الله أخبر في كتابه بأنه أعدّها لمن آمن به وبرسله، قال تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد:21] ، وشهد أن النار حق وأنها موجودة الآن أعدّها للكافرين كما قال تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران:131] ، ولحديث محاجّة الجنة والنار وغير ذلك من النصوص الدالة على وجودهما.
(2) قوله: «أدخله الله الجنة على ما كان من العمل» هذه الجملة جواب الشرط في قوله: «من شهد أن لا إله إلا الله» الخ، وفي رواية: «أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء» .
قال الحافظ ابن حجر [الفتح 6/ 475] : «معنى قوله «على ما كان من العمل» من صلاح أو فساد؛ لأن أهل التوحيد لابد لهم من دخول الجنة، ويحتمل أن يكون معنى قوله «على ما كان من العمل» أن يدخل الجنة أهل الجنة على حسب أعمالهم في الدرجات».