وكلمته [1] ألقاها إلى مريم [2] وروحٌ منه [3] ،
(1) قوله: «وكلمته» قال الإمام أحمد رحمه الله: «إنما سمى عيسى عليه السلام كلمة الله لصدوره بكملة «كن» بلا أب، وكان عيسى بـ «كن» ، وليس عيسى هو «كن» ، ولكن بـ «كن» كان، فـ «كن» من الله قولٌ وليس «كن» مخلوقاً، وكذب النصارى والجهمية على الله في أمر عيسى، وذلك أن الجهمية قالت: عيسى روح الله وكلمته إلا أن الكلمة مخلوقة، وقالت النصارى: عيسى روح الله من ذات الله، وكلمة الله من ذاته.
(2) وقوله: «ألقاها إلى مريم» أي أرسل بها جبريل عليه السلام إليها فنفخ فيها من روحه بإذن الله، فجبريل نفخ، والله خلق بقول: «كن» فكان، فسبحان من لا يخلق غيره ولا يُعبد سواه.
(3) قوله: «وروح منه» يقول من أمره كان الروح فيه، وقال أُبَيّ بن كعب: عيسى روح من الأرواح التي خلقها الله واستنطقها بقوله: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف:172] قال الحافظ ابن حجر [الفتح 6/ 475] : «ووصفه بأنه منه، فالمعنى: أنه كائن منه، كما في قوله: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13] ، كما أن معنى الآية الأخرى أنه سخر هذه الأشياء كائنةً منه أي أنه مكون ذلك وموجده، بقدرته وحكمته» .
قال شيخ الإسلام [الفتاوى 6/ 145، 9/ 290] : «المضاف إلى الله تعالى إذا كان معنى لا يقوم بنفسه، ولا بغيره من المخلوقات وجب أن يكون صفة لله تعالى قائمة به، وامتنع أن تكون إضافتها إضاقة مخلوق مربوب، وإذا كان المضاف عيناً قائمة بنفسها كعيسى وجبريل عليهما السلام وأرواح بني آدم امتنع أن تكون صفةً لله تعالى؛ لأن ما قام بنفسه لا يكون صفة لغيره، لكنّ الأعيان المضافة إلى الله تعالى على وجهين: