فهرس الكتاب
الصفحة 251 من 358

وقال الشعبي: (1) كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خُصومة، فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد - لأنه عَرَف أنه لا يأخذ الرِّشوة [1]

(1) وأما الخوارج الذين يكفِّرون بالذنوب فيخرجون الزاني والسارق من الإسلام ويحكمون بكفره وتخليده في النار. والمعتزلة يقولون ليس بمؤمن ولا كافر، له منزلة بين المنزلتين، ومع ذلك فهو مخلد في النار. ومناسبة الحديث للترجمة بيان الفرق بين أهل الإيمان وأهل النفاق والمعاصي في أقوالهم وأفعالهم وإراداتهم. قاله في «فتح المجيد» *.

قوله: «وقال الشعبي» - بفتح الشين - وهو عامر بن شراحيل الكوفي، أبوعمرو، ثقة مشهور، فقيه فاضل. قال مكحول: ما رأيتُ أفقه منه، عالم أهل زمانه، أدرك خلقاً كثيراً من الصحابة، كان حافظاً علاّمة ذا فنون، كان يقول: ما كتبتُ سوداء في بيضاء. عاش بضعاً وثمانين سنة. قاله الذهبي. قال: «كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خُصومة، فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد - لأنه عَرَف أنه لا يأخذ الرِّشوة - وقال المنافق: نتحاكم إلى اليهود - لعلمه أنهم يأخذون الرِّشوة - فاتفقا على أن يأتيا كاهناً في جُهينة فيتحاكما إليه، فنزلت: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ} الآية. وقيل: نزلت في رجلين اختصما فقال أحدهما: نترافع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال الآخر: إلى كعب بن الأشرف. ثم ترافعا إلى عمر، فذكر له أحدهما القصة، فقال للذي لم يرضَ برسول الله - صلى الله عليه وسلم: أكذلك؟ قال: نعم. فضربه بالسيف فقتله.» هذا الأثر رواه ابن جرير وابن المنذر بنحوه. وذكر شيخ الإسلام أن عمر - رضي الله عنه - لما قتل المنافق قال: هكذا أقضي بين من لم يرضَ بقضاء الله وقضاء رسوله، فنزلت {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ} الآية. فقال جبريل: إن عمر فرّق بين الحق والباطل فسُمي فاروقاً». انتهى.

وقد رُويت هذه القصة من طرق متعددة. قاله في «الشرح» **. وفيه: معرفة

** (ص/495) .

تفسير: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} ، وما قاله الشعبي في سبب نزولها وتفسير الإيمان الصادق والكاذب وقصة عمر مع المنافق. قاله المصنف رحمه الله تعالى. وفيه: أن التحاكم إلى غير الله ورسوله من صفات المنافقين، ولو كان الدعاء إلى تحكيم إمام فاضل ومعرفة أعداء الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بما كان عليه من العلم والعدل في الأحكام والغضب لله والشدة في أمر الله كما فعل عمر - رضي الله عنه - وأن من طعن في أحكام النبي - صلى الله عليه وسلم - أو في شيء من دينه قتل كهذا المنافق بل أولى، وفيها: جواز تغيير المنكر وإن لم يأذن فيه الإمام. قاله في «الشرح» *. وفيها: ما يبيّن أن المنافق يكون أشدّ كراهية لحكم الله ورسوله من اليهود والنصارى، وأشدّ عداوة منهم لأهل الإيمان كما هو الواقع في هذه الأزمنة وقبلها من إعانة العدو على المسلمين، وحرصهم على إطفاء نور الإسلام والإيمان وقتل من أظهر الكفر والنفاق. قاله في «فتح المجيد» **.

* (ص/497)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام