عن عبدالله بن عمرو (1) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يؤمن أحدُكم حتى يكون هواهُ تبعاً لما جئت به» قال النووي: حديث صحيح، رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح [1] .
(1) السياسات المأخوذة عن جنكيز خان الذي وضع لهم الياسق وهو عبارة عن كتاب أحكام اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الاحكام أخذها من مجرد نظره وهواه فصارت في بنيه شرعاً يقدمونها على الحكم بالكتاب والسنة، فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم بسواه في قليل ولا كثير». وفيه: معرفة تفسير {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} قاله المصنف.
وقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} استفهام إنكار، أي: لا حكم أحسن من حكمه تعالى، وهذا من باب استعمال أفعل التفضيل فيما ليس له في الطرف الآخر مشارك، أي: ومن أعدل من الله حكماً لمن عقل عن الله شرعه وآمن وأيقن أنه تعالى أحكم الحاكمين، الحكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره، وفي الآية التحذير من حكم الجاهلية واختياره على حكم الله ورسوله فمن فعل ذلك فقد أعرض عن الأحسن وهو الحق إلى ضده من الباطل. قاله في «فتح المجيد» *.
قوله: (عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يؤمن أحدُكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به» قال النووي: حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح) **. هذا الحديث رواه الشيخ أبوالفتح نصر ابن إبراهيم المقدسي الشافعي في كتاب «الحُجّة على تارك المحجَّة» بإسناد
** أخرجه ابن أبي عاصم في السنة رقم (15) (1/ 46) ،دار الصميعي، والبغوي في شرح السنة (1/ 213) ، وأبوالفتح نصر بن إبراهيم المقدسي في كتاب الحجة على تارك المحجة (1/ 238) رقم (25) ، ط. الجامعة السلفية، وضعفه ابن رجب في جامع العلوم والحكم (2/ 394) .
صحيح كما قاله النووي، ورواه الطبراني وأبوبكر بن عاصم والحافظ أبونعيم في «الأربعين» التي شرط لها أن تكون من صحيح الأخبار. قال ابن رجب: «تصحيح هذا الحديث بعيد جداً من وجوه .. » ذكرها وتعقّبه بعضهم.
قلت: ومعناه صحيح قطعاً، وإن لم يصح إسناده، وأصله في القرآن كثير كقوله: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء:65] الآية قاله في «الشرح» *.
قوله: «لا يؤمن أحدكم» أي لا يكون من أهل كمال الإيمان الواجب الذي وعد الله أهله عليه بدخول الجنة والنجاة من النار.
قوله: «حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به» الهوى بالقصر ما يهواه وتحبه نفسه، فإن كان الذي يحبه وتميل إليه نفسه تابعاً لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهذه صفة أهل الإيمان المطلق، وإن كان بخلاف ذلك أو في بعض أحواله أو أكثرها انتفى عنه من الإيمان كماله الواجب، ونزل عنه في درجة الإسلام كما في حديث أبي هريرة «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن .. » ** الحديث، فلا يطلق عليه الإيمان إلا بقيد المعصية أو الفسوق فيقال: «مؤمن عاص» أو «مؤمن بإيمانه، فاسق بمعصيته» فيكون معه مطلق الإيمان الذي لا يصح إسلامه إلا به، والذي عليه سلف الأمة وأئمتها أن: «الإيمان قولٌ وعملٌ ونية، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية» والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة أكثر من أن تُحصى خلافاً لمن قال: «إن الإيمان هو القول» ، وهم المرجئة. ومن قال: «هو التصديق» كالأشاعرة، ومن المعلوم عقلاً وشرعاً أن نية الحق تصديق، والعمل به تصديق، وقول الحق تصديق، وليس مع أهل البدع ما ينافي قول أهل السنة والجماعة، ولله الحمد والمنّة. انتهى ملخصاً من «فتح المجيد» ***.
* ... (ص/492)
** أخرجه البخاري (2475، 6810) ، ومسلم (57) .