[الأنفال:2] .
وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [1]
(1) يعلمون أن ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه المتصرف في الملك وحده لا شريك له، وهذا هو الشاهد من الآية في الترجمة. وفي الآية: وصف المؤمنين حقاً بثلاث مقامات من مقامات الإحسان وهي: الخوف، وزيادة الإيمان، والتوكُّل على الله وحده.
وقوله: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} قال قتادة: «إقامة الصلاة: المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها وتلاوة القرآن فيها والتشهد والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، هذا هو إقامتها» .
وقوله: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} الإنفاق مما رزقهم الله يشمل إخراج الزكاة وسائر الحقوق للعباد من واجب ومستحب. قال قتادة في قوله {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} فأنفقوا مما أعطاكم الله، فإنما هذه الأموال عوار وودائع عندك يا ابن آدم أوشكتَ أن تفارقها». وهذه الأعمال الخمسة مستلزمة لباقي الواجبات، فلذا اقتصر عليها. وفيه: معرفة تفسير آية الأنفال. قاله المصنف رحمه الله تعالى.
وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي كافيك وكافي أتباعك، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. قال ابن القيم رحمه الله [زاد المعاد 1/ 37 - 38] : «أي: الله وحده كافيك وكافي أتباعك فلا تحتاجون معه إلى أحد، فإن الحسْب والكفاية لله وحده كالتوكل والتقوى والعبادة. قال تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:62] ، ففرَّق بين الحَسْب والتأييد، فجعل الحَسْبَ له وحده، وجعل التأييد له بنصره وبعباده، وأثنى على أهل التوحيد [والتوكل] من عباده حيث أفردوه بالحَسْب فقال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران:173] ولم يقولوا:
حسبنا الله ورسوله، فإذا كان هذا قولهم ومدح الرب تعالى لهم فكيف يقول لرسوله «الله وأتباعك حسبك» ؟. وأتباعه قد أفردوا الرب تعالى بالحسْب ولم