[التوبة:24] الآية.
عن أنس [1] ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» . أخرجاه.
ولهما [2]
(1) قال ابن كثير [التفسير 4/ 124] : «أي إن كانت هذه الأشياء {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا} أي انتظروا ماذا يحل بكم من عقابه» . روى الإمام أحمد وأبوداود واللفظ له من حديث عبدالرحمن السلمي عن عطاء الخراساني عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى تراجعوا دينكم» *. وفيه: معرفة تفسير آية براءة والوعيد على من كانت الثمانية أحب إليه من دينه. قاله المصنف رحمه الله تعالى.
قوله: «وعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يؤمن أحدُكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» . أخرجاه**. أي البخاري ومسلم.
وقوله: «لا يؤمن» أي لا يكون آتياً بالإيمان الواجب عليه، فدلّ على أن من لم يكن الرسول أحب إليه من ولده ووالده بل ومن نفسه فهو من أصحاب الكبائر إن لم يكن كافراً. قال شيخ الإسلام [الكلام على حقيقة الإسلام (66) ] : «فإنه لا يعهد نفي اسم مسمى أمر الله به ورسوله إلا إذا ترك بعض واجباته، فإذا كان الفعل مستحباً في العبادة لم ينفها الانتفاء المستحب ولو صلح هذا النفي عن جمهور المؤمنين اسم الإيمان والصلاة ونحو ذلك، وهذا لا يقوله عاقل، فمن قال
* أخرجه أبوداود (3462) ، وصححه الألباني. انظر: السلسلة الصحيحة رقم (11) .
** أخرجه البخاري (15) ، ومسلم (14) .
(2) إنه نفي الكمال فإن أراد المستحب فهذا لم يقع قط في كلام الله ورسوله». انتهى ملخصاً.
وفيه: أن الأعمال من الإيمان، لأن المحبة عمل القلب وأن محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واجبة تابعة لمحبة الله لازماً لها فإنها محبة لله ولأجله تزيد بزيادة محبة الله في قلب المؤمن وتنقص بنقصها. وفيه: وجوب تقديم محبته - صلى الله عليه وسلم - على النفس والأهل والمال، وأن نفي الإيمان لا يدل على الخروج من الإسلام. قاله المصنف رحمه الله.
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى [الكلام على حقيقة الإسلام (281) ] : «وعامة الناس إذا أسلموا بعد كفر أو ولدوا على الإسلام والتزموا شرائعه وكانوا من أهل الطاعة لله ورسوله فهم مسلمون ومعهم إيمان مجمل، لكن دخول حقيقة الإيمان إلى قلوبهم يحصل شيئاً فشيئاً إن أعطاهم الله ذلك، وإلا فكثير من الناس لا يصلون إلى اليقين ولا إلى الجهاد ولو شُكِّكوا لشَكُّوا، ولو أُمِرُوا بالجهاد لما جاهدوا، إذ ليس عندهم من علم اليقين ما يدرأ الريب ولا عندهم من قوة الحب لله ورسوله ما يقدمونه على الأهل والمال، فهؤلاء إن عُوفوا من المحنة وماتوا دخلوا الجنة، وإن ابتُلوا بمن يُدخل عليهم شبهات توجب ريبهم فإن لم ينعم الله عليهم بما يزيل الريب وإلا صاروا مرتابين وانتقلوا إلى نوع من النفاق» . انتهى.
قوله: «ولهما» أي البخاري ومسلم «عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ثلاثٌ من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما» * ثنّى الضمير لتلازم المحبتين «وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره
* أخرجه البخاري (16) (21) (6041) (6941) ، ومسلم (43) .