فقد أشرك» [1] . قالوا: فما كفّارة ذلك؟ قال: «أن تقول: اللهم لا خيرَ إلا خيرُك، ولا طيرَ إلا طيرُك [2] ، ولا إله غيرُك» [3] .
وله [4] من حديث الفضل بن العباس: «إنما الطيرةُ ما أمضاكَ أو ردَّكَ [5] » .
(1) قوله: «من ردته الطيرة عن حاجته» فمنعه ما رأى وما سمع عما أراده «فقد أشرك» * لأنه لم يخلص توكّله على الله بالتفاته إلى غيره مما يخامر قلبه من الخوف فيكون شركاً بهذا الاعتبار.
(2) قوله: «قالوا: فما كفّارة ذلك. قال: «أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك» . وفيه: تفويض الأمور إلى الله تعالى تقديراً وتدبيراً وخلقاً والبراءة مما فيه تعلق بغير الله تعالى.
(3) قوله: «ولا إله غيرك» أي: لا معبود بحق سواك، فإذا قال ذلك وأعرض عما وقع في قلبه ولم يلتفت إليه واستمر على فعل ما عزم عليه توكلاً على الله وتفويضاً إليه كفَّر الله عنه ما وقع في قلبه من ذلك، وأما من لم يخلص توكله على الله واسترسل مع الشيطان في ذلك فقد يعاقب بالوقوع فيما يكره. وفيه: التصريح بأن الطيرة شرك، وتفسير الطيرة المذمومة، وذكر ما يقوله من وجد ذلك. قاله المصنف رحمه الله تعالى.
(4) قوله: «وله» أي الإمام أحمد من حديث الفضل بن عباس بن عبدالمطلب ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن معين: قتل يوم اليرموك. وقال غيره: وقتل يوم مرج الصفر سنة ثلاث عشرة وهو ابن اثنتين وعشرين سنة - رضي الله عنه -. وقال أبوداود: قُتل بدمشق، كان عليه درع النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(5) قوله: «إنما الطيرة ما أمضاك أو ردَّك» ** هذا الحديث رواه الإمام أحمد من
* أخرجه أحمد (2/ 220) ، وصححه الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (1065) .
** أخرجه أحمد (1/ 213) ، وإسناده ضعيف. انظر طبعة الرسالة.
حديث الفضل بن عباس قال: خرجتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً فبرح ظبي فمال في شقه فاحتضنته. فقلت: يا رسول الله تطيرتُ. قال: «إنما الطيرة ما أمضاك أو ردّك» . وفي إسناده انقطاع بين مسلمة راويه والفضل. وهذا حدُّ الطيرة المنهي عنها، فهي ما يحمل الإنسان على المضي فيما أراده أو يمنعه منه. وأما الفأل الذي كان يُحبه - صلى الله عليه وسلم - ففيه نوع بشارة فيُسرّ به العبد ولا يعتمد عليه، فافهم الفرق. ومن شرط الفأل أن لا يقصده.