فهرس الكتاب
الصفحة 167 من 358

وأنا خاتم النبيّين [1] ، لا نبي بعدي، ولا تزال طائفةٌ من أُمتي على الحق منصورة، لا يضرُّهم من خذلهم [2]

(1) قوله: «وأنا خاتم النبيين» قال الحسن: الخاتم الذي ختم به، يعني آخر النبيين قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:40] ، و إنما ينزل عيسى بن مريم في آخر الزمان حاكماً بشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - مصلياً إلى قبلته، فهو كأحد أمته، بل هو أفضل هذه الأمة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لينزلنّ فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً، فليكسرنّ الصليب، وليقتلنّ الخنزير، وليضعنّ الجزية» *.

(2) قوله: «ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم» قال يزيد بن هارون وأحمد بن حنبل: «إن لم يكونوا أهل الحديث

* أخرجه البخاري (2222، 2476، 3448) ، ومسلم (242) .

فلا أدري من هم». قال ابن المبارك وعلي بن المديني وأحمد بن سنان والبخاري وغيرهم: «إنهم أهل الحديث» ، وعن ابن المديني رواية «هم العرب» واستدل برواية من روى «هم أهل الغرب» ، وفُسِّر «الغرب» بالدلو العظيمة؛ لأن العرب هم الذين يستقون بها. قال النووي: «يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين ما بين شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومحدث ومفسر وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزاهد وعابد، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين في بلد واحد، بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد وافتراقهم في أقطار الأرض، ويجوز أن يجتمعوا في البلد الواحد وأن يكونوا في بعض دون بعض منه، ويجوز إخلاء الأرض من بعضهم أولاً فأول إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة ببلد واحد، فإذا انقرضوا جاء أمر الله» . انتهى ملخصاً مع زيادة فيه. قاله الحافظ ابن حجر [الفتح 13/ 295] .

وفيه: إخباره ببقاء الطائفة المنصورة والبشارة بأن الحق لا يزول بالكلية كما زال فيما مضى، بل لا تزال عليه طائفة، والآية العظمى أنهم مع قلتهم لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم وأن ذلك الشرط إلى قيام الساعة. قاله المصنف رحمه الله تعالى. قال القرطبي: «وفيه دليل على أن الاجماع حجة لأن الأمة إذا اجتمعت فقد دخل فيهم الطائفة المنصورة» ، واحتج به الإمام أحمد على أن الاجتهاد لا ينقطع ما دامت هذه الطائفة موجودة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام