ولا تقوم الساعة حتى يلحق حيٌّ من أمتي بالمشركين [1] ،
وحتى تعبُد فئامٌ من أمتي الأوثان [2] ،
(1) قوله: «ولا تقوم الساعة حتى يلحق حيٌّ من أمتي بالمشركين» الحي واحد الأحياء وهي القبائل، وفي رواية أبي داود: «وحتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين» والمعنى: أنهم يكونون معهم ويرتدون برغبتهم عن أهل الإسلام ويلحقون بأهل الشرك في السكنى والديانة.
* أخرجه الدارمي في سننه (1/ 76) رقم (218) ط. البغا.
(2) قوله: «وحتى تعبد فِئامٌ من أمتي الأوثان» - بكسر الفاء مهموز - الجماعات الكثيرة. قاله أبوالسعادات [النهاية 3/ 364] . وفي رواية أبي داود: «حتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان» والوثن يطلق على ما قصد بنوع من أنواع العبادة من القبور والمشاهد وغيرها لقول الخليل: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا} [العنكبوت:17] ، مع قوله: {قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ} [الشعراء:71] ، وقوله: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} [الصافات:95] ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد» * فعُلم بهذا أن الوثن يُطلق على ما عُبد من دون الله من القبور والمشاهد والأصنام وغيرها، وهذا هو الشاهد من الحديث للترجمة. وفيه: التصريح بوقوع عبادة الأوثان في هذه الأمة في جموع كثيرة والتنبيه على معنى عبادة الأوثان. قاله المصنف رحمه الله تعالى.
وفيه: الرد على عبّاد القبور الذين ينكرون وقوع الشرك وعبادة الأوثان في هذه الأمة لجهلهم بحقيقة التوحيد وما ينافيه من الشرك والتنديد، وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة» **. قال: وذو الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدونها في الجاهلية. وروى ابن حبان عن معمر قال: إن عليه الآن بيتاً مبنياً مغلقاً. وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: «لا يذهب الليل والنهار حتى تُعبد اللات والعزى» ***. قال ابن القيم رحمه الله تعالى [زاد المعاد 3/ 506] : «المشاهد التي بُنيت على القبور والتي اتخذت أوثاناً تُعبد من دون الله والأحجار التي تقصد للتبرك والنذر لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالتها، وكثير منها بمنزلة اللاَّت والعزى ومناة، أو أعظم شركاً عندها وبها، فاتبع هؤلاء سنن من
* تقدم تخريجه (ص/50) .
** أخرجه البخاري (7116) ، ومسلم (2906) .
*** أخرجه مسلم (52) .