وزاد: «وإنما أخاف على أُمّتي الأئمة المضلّين [1] ، وإذا وقع عليهم السيف لم
يُرفع إلى يوم القيامة [2] ،
(1) قوله: «وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين» وهم الأمراء والعلماء والعباد، فيحكمون فيهم بغير علم فيضلونهم كما قال تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} [الأحزاب:67] ، وقال: {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:119] ، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال ولكن يقبض العلم بموت العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسُئلوا فأفتوا بغير علم، فضلُّوا وأضلُّوا» *. وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلين» **.
رواه أبوداود الطيالسي، وعن زياد بن حدير قال: قال لي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه: هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ قلت: لا. قال: يهدمه زلة العالم
* أخرجه البخاري (100) ، ومسلم (2673) .
** أخرجه أبوداود (4225) ، وابن ماجه (3952) ، وأحمد (5/ 278، 284) ، وأبوداود الطيالسي في مسنده رقم (1068) (2/ 321) . قال الألباني: صحيح، انظر: صحيح سنن أبي داود (3/ 801) رقم (3577) .
(2) وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين. رواه الدارمي*، ولذا قال عبدالله ابن المبارك:
وقد يُورِثُ الذلَّ إدمانُهَا ... رأيتُ الذنوبَ تمُيتُ القلوبَ
وَخَيْرٌ لِنفْسِكَ عِصْيَانُهَا ... وتَرْكُ الذنوبِ حَياةُ القُلُوبِ
وأَحْبَارُ سُوءٍ ورُهْبَانُهَا ... وَهَلْ أَفْسَدَ الدِّينَ إِلاَّ الملوك
وقال سفيان بن عيينة وغيره: من فسد من علمائنا ففيه شَبَهٌ من اليهود، ومن فسد من عُبّادنا ففيه شَبَهٌ من النصارى. وسُئل سعيد بن جبير: من أين يُهلك الناس؟ قال: من قِبَل علمائهم. وروى ابن أبي الدنيا عن علي - رضي الله عنه - قال: يأتي على الناس زمانٌ لا يبقى فيه من الإسلام إلى اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه، مساجدهم يومئذ عامرة وهي خراب من الهدى، علماؤهم شر من تحت أديم السماء، منهم خرجت الفتنة وفيهم تعود. وفيه: حصره الخوف على أمته من الأئمة المضلين. قاله المصنف رحمه الله.
قوله: «وإذا وقع عليهم السيف لم يُرفع إلى يوم القيامة» وقد حصل ما أخبر به - صلى الله عليه وسلم - فإن السيف وقع بقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ولم يُرفع، لكن قد يكثر تارة ويقل أخرى، ويكون في جهة ويرتفع عن أخرى، وقد يكون مشروعاً كقتال أهل الإسلام لأهل الشرك، وقد يكون ظلماً وبغياً وفيه إخباره بوقوع السيف وأنه لا يُرفع إذا وقع. قاله المصنف رحمه الله تعالى.