فرأيتُ مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها [1] ما زُويَ لي
منها [2] ، وأُعطيتُ الكنزين: الأحمرَ والأبيض [3] ،
(1) قوله: «وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زُوي لي منها» . قال القرطبي: «وهذا الخبر قد وجد مخبره، كما قال - صلى الله عليه وسلم -، وكان ذلك من دلائل نبوته، وذلك أن ملك أمته اتسع إلى أن بلغ أقصى طنجة - بالنون والجيم - الذي هو منتهى عمارة المغرب إلى أقصى المشرق مما وراء خراسان والنهر وكثير من بلاد السند و الهند والصين، ولم يتسع ذلك الاتساع من جهة الجنوب والشمال، ولذا لم يذكر - عليه السلام - أنه أُريَه، ولا أخبر أن ملك أمته يبلغه» .
* ... أخرجه مسلم (2889) .
(2) قوله: «ما زوي لي منها» يحتمل أن يكون مبنياً للفاعل وأن يكون مبنياً للمفعول. وفيه: إخباره بأن الله زوى له المشارق والمغارب، وأخبر بمعنى ذلك، فوقع كما أخبر بخلاف الجنوب والشمال. قاله المصنف.
(3) قوله: «وأُعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض» قال القرطبي: «يعني بهما كنز كسرى وهو ملك الفرس، وكنز قيصر وهو ملك الروم وقصورهما وبلادهما، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - «والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله» * وعبَّر بالأحمر عن كنز قيصر لأن الغالب عندهم كان الذهب، وبالأبيض عن كنز كسرى؛ لأن الغالب عندهم كان الجوهر والفضة».
وفيه: إخباره بأنه أُعطي الكنزين فوقع كما أخبر. قاله المصنف رحمه الله. وقد وجد ذلك في خلافة عمر، فإنه سيق إليه تاج كسرى وحليته وما كان في بيوت أمواله وجميع ما حوته مملكته على سعتها وعظمتها، وكذلك فعل الله بقيصر، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته قال لسراقة بن مالك المدلجي: «كيف بك يا سراق إذا وضع تاج كسرى على رأسك وسواره في يديك» ** فلما جيء بهما إلى عمر - رضي الله عنه - دعا سراقة فألبسهما إياه تصديقاً لما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: قل الحمد لله الذي نزع تاج كسرى من رأسه وسواريه من يديه وجعلهما على أعرابي من بني مدلج، وذلك بعز الإسلام وقوته لا بحولنا ولا بقوتنا. ذكر ذلك السهيلي في «الروض» .