فهرس الكتاب
الصفحة 133 من 358

وعن عمر [1] أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تُطروني كما أطْرَت النصارى ابن مريم [2] ، إنما أنا عبدٌ، فقولوا عبدُ الله ورسوله» [3] .

(1) ومنها - وهي أعجب: قراءتهم إياها في كتب التفسير والحديث ومعرفتهم بمعنى الكلام وكون الله حال بينهم وبين قلوبهم حتى اعتقدوا أن فعل قوم نوح أفضل العبادات، واعتقدوا أن ما نهى الله ورسوله عنه هو الكفر المبيح للدم والمال، والتصريح بأنهم لم يريدوا إلا الشفاعة، وظنهم أن العلماء الذين صورو الصور أرادوا ذلك، والتصريح بأنها لم تُعبد حتى نُسي العلم، ففيها بيان معرفة قدر وجود العلم ومضرة فقده، وأن سبب فقد العلم موت العلماء. قاله المصنف رحمه الله تعالى.

قوله: «وعن عمر - رضي الله عنه -» وهو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بن نفيل العدوي أمير المؤمنين وأفضل الصحابة بعد أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، ولي الخلاف عشر سنين ونصفاً فامتلأت الدنيا عدلاً وفتحت في أيامه ممالك كسرى وقيصر وأنفقت كنوزهما في سبيل الله، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يُوحى. واستشهد في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة.

(2) قوله: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم» الإطراء هو مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه. قاله أبوالسعادات.

(3) وقوله: «إنما أنا عبدٌ، فقولوا: عبدُ الله ورسوله» أخرجاه*. أمرهم رسول - صلى الله عليه وسلم - أن لا يتجاوزوا هذا القول، أي صفوني بما وصفني به ربي في قوله {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان:1] ، وقوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء:1] ، وقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة:23] فمنزلة العبودية أخصّ أوصافه - صلى الله عليه وسلم -.

وفيه: البيان العظيم في قوله: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم» ،

* أخرجه البخاري (3445) و (6830) ، ومسلم (1691) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام