فهرس الكتاب
الصفحة 134 من 358

أخرجاه.

وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إياكم والغلو [1] ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو» .

(1) فصلوات الله وسلامه عليه فقد بلغ البلاغ المبين. قاله المصنف رحمه الله تعالى. فأبى المشركون إلا مخالفة أمره، وارتكاب نهيه. وعظّموه بما نهاهم عنه وحذّرهم منه، وناقضوه أعظم مناقضة، وضاهوا النصارى في غلوّهم وشركهم، ووقعوا في المحذور، وجرى منهم من الغلو والشرك شعراً ونثراً ما يطول عدُّه. قاله في «فتح المجيد» *.

قلت: ومن الإطراء قول البوصيري:

واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم ... دعْ ما ادّعته النصارى في نبيهم

أحيا اسمُه حين يُدعى دارسَ الرمم ... لو ناسبَتْ قدرَه آياتُه عظماً

يقول: دَعْ ما ادّعته النصارى في نبيهم فلا تقل: محمد هو الله، ولا ابن الله، ولا ثالث ثلاثة، واحكم بما شئت. قل: محمد يخلق ويرزق ويحيي ويميت.

وقوله «لو ناسبت قدره آياته عظماً» فيه نسبة الظلم إلى الله، وأنه لم يعطِ محمداً آيات تناسب قدره، ولو أعطاه آيات تناسب قدره لأحيا الأموات إذا دعوته باسمه.

قوله: «وعن ابن عباس» رضي الله عنهما «قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو» ** هذا الحديث رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة العقبة وهو على ناقته: «القطْ لي حصى» فلقطتُ له سبع حصيات هن حصى الخذف فجعل ينفضهن في كفه ويقول: «أمثال هؤلاء فارمُوا، وإياكم والغلو ... » الحديث.

قال شيخ الإسلام: «هذا عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأقوال والأعمال» .

** أخرجه أحمد (1/ 215، 347) ، والنسائي (5/ 268، 269) ، وابن ماجه (3029) ، وصححه الألباني في الصحيحة (1283) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام