وقول الله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ [1] لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأنعام:51] .
وقوله: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [2]
(1) الرابع: شفاعته في العصاة من أهل التوحيد الذين يدخلون النار بذنوبهم أن يخرجوا منها، والأحاديث بها متواترة، وقد أجمع عليها الصحابة وأهل السنة قاطبة، وبَدَّعُوا من أنكرها أي نسبوهم إلى البدعة.
الخامس: شفاعته لقوم من أهل الجنة في زيادة ثوابهم ورفع درجاتهم، وهذه لم ينازع فهيا أحدٌ وكلها مختصة بأهل الإخلاص.
السادس: شفاعته في بعض الكفار من أهل النار حتى يخفّف عنهم العذاب، وهذه خاصة بأبي طالب وحده». انتهى.
قوله: «وقول الله تعالى: {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم} يقول تعالى: وأنذر يا محمد به، أي: بالقرآن. قاله ابن عباس، وهم أهل الإخلاص الذين لم يتخذوا من دون الله شفيعاً بل أخلصوا قصدهم وطلبهم وجميع أعمالهم لله وحده، ولم يلتفتوا إلى أحدٍ سواه فيما يرجونه أو يخافونه. والإنذار هو الإعلام بأسباب المخافة والتحذير منها، وهذه نذارة خاصة أمره الله تعالى أن ينذر الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم، {ليس له من دونه ولي ولا شفيع} أي: ليس لهم من دونه ولي يتولاهم ولا شفيع من عذابه يوم القيامة، {لعلهم يتقون} في هذه الدار فيعملون عملاً ينجيهم الله به من عذابه يوم القيامة. والتقوى: أن تجعل بينك وبين النار وقاية بأن تعمل بطاعة الله، على نورٍِ من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله. وأما النذارة العامة ففي قوله تعالى: {وأوحى إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} [الأنعام:19] وغيرها.
(2) قوله: «وقول الله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} بعد قوله: أَمِ اتَّخَذُوا
مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ» قل يا محمد: أو لو كان الشفعاء الذين اتخذوهم لا يملكون شيئاً ولا يعقلون؟ وشيئاً: نكرة في سياق النفي تعم كل شيء، أي لا يملكون شفاعة ولا غيرها ولا يعقلون؛ لأنهم إما أموات غير أحياء وما يشعرون أيَّان يُبعثون، أو جماد لا تعلم شيئاً ولا تعقل. ثم قال: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} أي هو المالك لها، وهذا إنكار منه تعالى على المشركين في اتخاذهم الشفعاء من دونه مع كونهم لا يملكون شفاعة ولا غيرها، فليس لمن يطلبونها منه شيء منها وإنما تطلب ممن يملكها وهو الله جل وعلا دون ما سواه.