[الأحقاف:5] .
وقوله: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [1] الآية [النمل:62] .
وروى الطبراني بإسناده [2]
(1) وقوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُون} يحتج تعالى على المشركين بما أقروا به من توحيد الربوبية على ما أشركوا فيه من توحيد الألهية، يقول إذا كنتم
(2) تقرون أنه لا إله مع الله يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء النازل بكم ويجعلكم خلفاء الأرض أي يستخلف في الأرض منكم بعد أمواتكم خلفاء أحياء يخلفونهم. فلماذا عبدتم غيره ممن لا يستطيع شيئاً من ذلك {قَلِيلا مَا تَذَكَّرُون} أي قليلاً اتعاظكم، فلذلك أشركتم بالله غيره في عبادته.
وفيه معرفة تفسير {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} ، والأمر العجيب وهو إقرار عبدة الأوثان أنه لا يجيب المضطر إلا الله؛ ولأجل هذا يدعونه في الشدائد مخلصين له الدين. قاله المصنف رحمه الله.
قوله: «وروى الطبراني بإسناده» * وهو الإمام الحافظ سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني صاحب المعاجم الثلاثة وغيرها، روى عن النسائي وإسحاق بن إبراهيم الديري وخلق، مات سنة ستٍ وثلاثمائة، عن عُبادة، هو ابن الصامت - رضي الله عنه - «أنه كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - منافق يؤذي المؤمنين» وهذا المنافق هو عبدالله بن أبيّ كما جاء مصرّحاً به في رواية ابن أبي حاتم، وهذا شأن المنافقين في كل زمان ومكان طبعهم السعي في أذية المؤمنين بالقول والفعل ورميهم بالعظائم لا سيما في هذا الزمن الذي ضعف فيه أمر الدين في قلوب الذين يُرجى منهم نصرته وتأييده فلذا رفع المنافقون رؤوسهم وأظهروا نفاقهم، قال حذيفة - رضي الله عنه: المنافقون الذين فيكم اليوم شرٌّ من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قالوا: وكيف ذلك؟ قال: أولئك يُخفون نفاقهم وهؤلاء أعلنوه. وإذا كان هذا قول حذيفة عن المنافقين الذين كانوا في آخر عصر الصحابة فكيف بمنافقي الرابع عشر قرناً؟! فالله المستعان.