فهرس الكتاب
الصفحة 103 من 358

أنه كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - منافقٌ يؤذي المؤمنين فقال بعضهم [1] : قوموا بنا نستغيثُ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا المنافق. فقال

النبي - صلى الله عليه وسلم: «إنه لا يُستغاث بي، وإنما يُستغاثُ بالله» [2] .

(1) قوله: «فقال بعضهم» : أي الصحابة، وهو أبوبكر الصديق - رضي الله عنه - «قوموا بنا

* أخرجه الطبراني في المعجم الكبير كما في مجمع الزوائد (10/ 159) وقال: رجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة وهو حسن الحديث، وأحمد في المسند (5/ 317) قال ابن كثير في تفسيره (5/ 333) وهذا الحديث غريب جداً.

(2) نستغيث برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا المنافق» في كف أذاه.

قوله: «فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه لا يُستغاث بي وإنما يُستغاث بالله عز وجل» أخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يُستغاث به، ومن دونه من باب أولى أن لا يُستغاث به، كره - صلى الله عليه وسلم - أن يستعملوا هذا اللفظ في حقه، وإن كان مما يقدر عليه في حياته: حمايةً لجناب التوحيد وسداً، لذرائع الشرك، وأدباً وتواضعاً لربه، وتحذيراً للأمة من وسائل الشرك في الأقوال والأفعال. فإذا كان هذا قوله فيما يقدر عليه في حياته، فكيف تجوز الاستغاثة به بعد وفاته، ويطلب منه أمور لا يقدر عليها إلا الله - عز وجل -؟!، كما جرى على ألسنة كثيرٍ من الشعراء كالبوصيري والبُرَعي وغيرهما من الاستغاثة بمن لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، والإعراض عن الاستغاثة بالرب العظيم القادر على كل شيء، لا إله غيره ولا رب سواه. قاله في «فتح المجيد» *.

وفيه: حماية المصطفى - صلى الله عليه وسلم - حمى التوحيد، والتأدب مع الله - عز وجل -. قاله المصنف رحمه الله تعالى.

وذكر شيخ الإسلام في كتاب «الاستغاثة» عن بعض أهل زمانه أنه جوَّز الاستغاثة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في كل ما يُستغاث فيه بالله، وصنف في ذلك مصنفاً وكان يقول إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم ما يعلمه الله ويقدر علىما يقدر عليه الله، وأن بعضهم قال في قوله {وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا} [الفتح: 9] أن الرسول هو الذي يُسبح، ومنهم من قال: نحن نعبد الله ورسوله إلى غير ذلك من الكفر الصريح، والله يقول: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ} [النمل:65] ، ويقول: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} [الأنعام:50] . انتهى.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام