فهرس الكتاب
الصفحة 89 من 683

هذان الاسمان الكريمان مشتقان من (الرحمة) على وجه المبالغة وهي الرقة والتعطف وإن كان اسم (الرحمن) أشد مبالغة من اسم (الرحيم) ، لأن بناء فعلان أشد مبالغة من فعيل وبناء فعلان: للسعة والشمول، واتفق أهل العلم على أن اسم (الرحمن) عربي لفظه، وفي الحديث القدسي: (أنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها اسمًا من اسمي ... ) الحديث (1) 1).

فقد دل هذا الحديث على الاشتقاق. وكانت العرب تعرف هذا الاسم في لغتها.

قال الله - عز وجل: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: 20] . وجاء في أشعارهم قول الشاعر:

وعجلتم علينا إذ عجلنا عليكم وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق (2) 2)

الفرق بين الاسمين: فرق بعض أهل العلم بين هذين الاسمين الكريمين بالفروق التالية:

أولاً: أن اسم (الرحمن) : هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة.

وأما اسم (الرحيم) : فهو ذو الرحمة للمؤمنين كما في قوله تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) } [الأحزاب: 43] . ولكن يشكل على ذلك قوله تعالى: {إِن اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) } [البقرة: 341] ، وقوله تعالى: {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66) } [الإسراء: 66] .

ثانيًا: أن اسم (الرحمن) دال على الرحمة الذاتية، و (الرحيم) دال على الرحمة الفعلية؛ يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:"إن (الرحمن) دال على الصفة القائمة به سبحانه و (الرحيم) دال على تعلقها بالمرحوم. فكان الأول للوصف، والثاني للفعل، فالأول دال على أن الرحمة صفته، والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته."

(1) أحمد في المسند (1686) ، وأبو داود في سننه (1694) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (520) .

(2) انظر النهج الأسمى محمد حمود النجدي 1/ 75، 76.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام