فهرس الكتاب
الصفحة 635 من 683

وقال الشيخ السعدي -رحمه الله تعالى- في شرحه لأبيات ابن القيم في نونيته:"الجميل من له نعوت الحسن والإحسان، فإنه جميل في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، فلا يمكن لمخلوق أن يعبر عن بعض جمال ذاته، حتى أن أهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم، واللذات، والسرور، والأفراح التي لا يقدر قدرها إذا رأوا ربهم، وتمتعوا بجماله نسوا ما هم فيه من النعيم، وتلاشى ما هم فيه من الأفراح، وودّوا أن لو تدوم هذه الحال، ليكتسبوا من جماله، ونوره جمالاً إلى جمالهم، وكانت قلوبهم في شوق دائم ونزوع إلى رؤية ربهم، ويفرحون بيوم المزيد فرحًا تكاد تطير له القلوب."

وكذلك هو جميل في أسمائه، فإنها كلها حسنى، بل أحسن الأسماء على الإطلاق وأجملها، قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180] ، وقال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65) } [مريم: 65] ، فكلها دالة على غاية الحمد، والمجد، والكمال، لايسمى باسم منقسم إلى كمال وغيره.

وكذلك هو الجميل في أوصافه؛ فإن أوصافه كلها أوصاف كمال ونعوت ثناء وحمد، فهي أوسع الصفات، وأعمّها، وأكثرها تعلقًا، خصوصًا أوصاف الرحمة، والبر، والكرم، والجود.

وكذلك أفعاله كلها جميلة فإنها دائرة بين أفعال البر والإحسان التي يحمد عليها ويثنى عليها ويشكر، وبين أفعال العدل التي يحمد عليها لموافقتها للحكمة والحمد، فليس في أفعاله عبث ولا سفه، ولا سدى ولا ظلم، كلها خير وهدى ورحمة ورشد وعدل: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود: 56] .

فلكماله الذي لا يحصي أحد عليه به ثناء كملت أفعاله كلها فصارت أحكامه من أحسن الأحكام، وصنعه وخلقه أحسن خلق وصنع، وأتقن ما صنعه: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام