وذكر ابن القيم - رحمه الله تعالى - أن قوله: (إن الله جميل يحب الجمال) قد رواه جمع من الصحابة - رضي الله عنهم - منهم عبدالله ابن عمرو بن العاص، وأبي سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وثابت بن قيس، وأبو الدرداء، وأبو هريرة، وأبو ريحانه رضي الله عنهم جميعًا.
المعنى اللغوي:
"الجمال: الحسن، والجمال: مصدر الجميل، والفعل: جَمُل."
وقوله - عز وجل: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) } [النحل: 6] ، أي: بهاء وحسن"."
قال ابن سيده:"الجمال: الحُسن ويكون في الفعل والخلق وقد جُمل الرجل بالضم جمالاً فهو جميل وجُمَال وجُمَّال" (1) .
معناه في حق الله تعالى:
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - في نونيته:
"وهو الجميل على الحقيقة كيف لا وجمال سائر هذه الأكوان"
من بعض آثار الجميل فربها أولى وأجدر عند ذي العرفان
فجماله بالذات والأوصاف والـ أفعال والأسماء بالبرهان
لا شيء يشبه ذاته وصفاته سبحانه عن إفك ذي البهتان" (2) "
ويعلق - رحمه الله تعالى - على قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله جميل ... ) الحديث، فيقول:"والمقصود أن هذا الحديث الشريف مشتمل على أصلين عظيمين. فأوله معرفة، وآخره سلوك، فيعرف الله سبحانه بالجمال الذي لا يماثله فيه شيء، ويعبد بالجمال الذي يحبه من الأقوال والأعمال والأخلاق، فيحب من عبده أن يجمل لسانه بالصدق، وقلبه بالإخلاص والمحبة والإنابة والتوكل، وجوارحه بالطاعة، وبدنه بإظهار نعمه عليه في لباسه وتطهيره له من الأنجاس والأحداث والأوساخ والشعور المكروهة، والختان، وتقليم الأظافر، فيعرفه بصفات الجمال ويتعرّف إليه بالأفعال والأقوال والأخلاق الجميلة فيعرفه بالجمال الذي هو وصفه ويعبده بالجمال الذي هو شرعه ودينه فجمع الحديث قاعدتين: المعرفة والسلوك" (3) .
(1) انظر الصحاح، ولسان العرب 1/ 685.
(2) نونية ابن القيم 2/ 214 الأبيات (3223 - 3226) .
(3) الفوائدلابن القيم ص 181.