فهرس الكتاب
الصفحة 626 من 683

لذا فإن من الآثار الحسنة للإيمان باسمه سبحانه (الطيب) أن المؤمن لا يحب ولا يؤثر من العقائد والأقوال، والأعمال والأخلاق، والأصحاب والمناكح، والمطاعم والمشارب إلا أطيبها وأزكاها. ويفصل هذه الآثار الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - فيقول:"فإن الطيب لا يناسبه إلا الطيب، ولا يرضى إلا به، ولا يسكُن إلا إليه، ولا يطمئن قلبُه إلا به، فله من الكلام الكَلِمُ الطيب الذي لا يصعد إلى الله تعالى إلا هو، وهو أشدُّ شيء نُفرة عن الفحش في المقال، والتفحُّش في اللسان والبذَاء، والكذب والغيبة، والنميمة والبُهت، وقول الزور، وكل كلام خبيث."

وكذلك لا يألف من الأعمال إلا أطيبها، وهي الأعمال التي اجتمعت على حسنها الفِطَرُ السليمةُ مع الشرائع النبوية، وزكتها العقولُ الصحيحة، فاتفق على حسنها الشرعُ والعقلُ والفِطرةُ، مثل أن يَعْبُدَ الله وحده لا يُشرِكُ به شيئًا، ويؤثِرَ مرضاته على هواه، ويتحببَ إليه جُهده وطاقته، ويُحْسِنَ إلى خلقه ما استطاع، فيفعل بهم ما يُحب أن يفعلوا به، ويُعَاملوه به، ويَدَعَهم ممّا يحب أن يَدَعُوه منه، وينصحهم بما ينصح به نفسه، ويحكم لهم بما يحب أن يحكم له به، ويحمل أذاهم ولا يحمِّلهم أذاه، ويكُفَّ عن أعراضهم ولا يُقابلهم بما نالوا من عرضه، وإذا رأى لهم حسنًا أذاعه، وإذا رأى لهم سيئًا كتمه، ويُقيم أعذارهم ما استطاع فيما لا يُبطِلُ شريعة، ولا يُناقضُ لله أمرًا ولا نهيًا.

وله أيضًا من الأخلاق أطيبها وأزكاها، كالحلم، والوقار، والسكينة، والرحمة، والصبر، والوفاء وسهولة الجانب، ولين العريكة، والصدق، وسلامة الصدر من الغِل والغش والحقد والحسد، والتواضع، وخفض الجناح لأهل الإيمان والعزة، والغلظة على أعداء الله، وصيانة الوجه عن بذله وتذلله لغير الله، والعِفة والشجاعة، والسخاء، والمرُوءة، وكل خلق اتفقت على حسنه الشرائع والفطر والعقول.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام