ثانيًا: الحياء من الله - عز وجل - الذي يرى عبده وهو يعصيه فيستره ولا يفضحه، فحري بالعبد أن يتأدب مع ربه سبحانه ويستحي منه الذي يراه في جميع أحواله، ولا يخفى عليه من عبده خافية.
ثالثًا: التخلق بصفة الستر على النفس وعلى الخلق، لأن الله- عز وجل- ستير يحب الستر ويأمر عباده بالتستر على النفس إذا ابتليت بالمعصية وعدم المجاهرة بها، وكذلك أمر بالستر على الناس والبعد عن إشاعة الفاحشة بينهم.
قال الله - عز وجل: {إِن الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) } [النور 19] .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المجاهر بالمعاصي لا يعافى منها أو من عقوبتها فقال: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه) (1) .
وجاء الحث على الستر على عباد الله ورُغِّب في ذلك حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ... ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة) (2) .
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تتبع عورات المسلمين والبحث عنها وكشفها فقال: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع عورته يفضحه في بيته) (3) .
(1) صحيح البخاري (6069) .
(2) رواه البخاري في المظالم (2442) ، ومسلم في البر والصلة (2580) .
(3) أحمد 4/ 420، وأبو داود 5/ 4880، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (4083) .