يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:"وعباد الرحمن يألهونه ويعبدونه، ويبذلون له مقدورهم بالتأله القلبي، والروحي، والقولي والفعلي، بحسب مقاماتهم ومراتبهم، فيعرفون من نعوته وأوصافه ما تتسع قواهم لمعرفته، ويحبونه من كل قلوبهم محبةً تتضاءل جميعُ المحابِّ لها، فلا يعارض هذه المحبة في قلوبهم محبة الأولاد والوالدين وجميع محبوبات النفوس، بل خواصهم جعلوا كل محبوبات النفوس الدينية والدنيوية تبعًا لهذه المحبة، فلما تمَّت محبة الله في قلوبهم أحبوا ما أحبه من أشخاص وأعمال، وأزمنة، وأمكنة، فصارت محبتهم وكراهتهم تبعًا لإلههم وسيدهم ومحبوبه."
ولما تمَّت محبة الله في قلوبهم التي هي أصل التأله والتعبد أنابوا إليه فطلبوا قُربه ورضوانه، وتوسَّلوا إلى ذلك وإلى ثوابه بالجد والاجتهاد في فعل ما أمر الله به ورسوله، وفي ترك جميع ما نهى الله عنه ورسوله، وبهذا صاروا محبِّين محبوبين له، وبذلك تحققت عبوديتهم وألوهيتهم لربهم، وبذلك استحقوا أن يكونوا عباده حقًا، وأن يضيفهم إليه بوصف الرحمة حيث قال: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ} [الفرقان: 63] ، ثم ذكر أوصافهم الجميلة التي إنما نالوها برحمته وتبوؤوا منازلها برحمته، وجازاهم بمحبته وقُربه ورضوانه، وثوابه، وكرامته برحمته" (1) 1)."
2 -تعظيمه سبحانه وإجلاله وإخلاص العبودية له وحده من توكل، وخوف، ورجاء ورغبة، ورهبة، وصلاة، وصيام، وذبح، ونذر، وغير ذلك من أنواع العبوديات التي لا يجوز صرفها إلا له سبحانه.
(1) فتح الرحيم الملك العلام ص 21، 22.