قال الليث: الرفق لين الجانب ولطافة الفعل وصاحبه رفيق ... ويقال للمتطبب: مترفق ورفيق وكره أن يقال طبيب" (1) ."
المعنى في حق الله تعالى:
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - في نونيته:
"وهو الرفيق يحب أهل الرفق بل يعطيهم بالرفق فوق أمان" (2)
وقال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:"ومن أسمائه (الرفيق) في أفعاله وشرعه، وهذا قد أخذ من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إن الله رفيق يحب أهل الرفق وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف) (3) ."
فالله تعالى رفيق في أفعاله، خلق المخلوقات كلها بالتدريج شيئًا فشيئًا بحسب حكمته ورفقه مع أنه قادر على خلقها دفعة واحدة وفي لحظة واحدة" (4) ."
وقال أيضًا:"ومن تدبر المخلوقات وتدبر الشرائع كيف يأتي بها شيئًا بعد شيء شاهد من ذلك العجب العجيب، فالمتأني الذي يأتي الأمور برفق وسكينة ووقار، اتباعًا لسنن الله في الكون واتباعًا لنبيه صلى الله عليه وسلم: فإن كان هذا هديه وطريقه تتيسر له الأمور، وبالأخص الذي يحتاج إلى أمر الناس ونهيهم وإرشادهم، فإنه مضطر إلى الرفق واللين، وكذلك من آذاه الخلق بالأقوال البشعة وصان لسانه عن مشاتمتهم، ودافع عن نفسه برفق ولين، اندفع عنه من أذاهم ما لا يندفع بمقابلتهم بمثل مقالهم وفعالهم، ومع ذلك فقد كسب الراحة، والطمأنينة والرزانة والحلم."
ومن تأمل في خلقه وأمره وجد ما احتوى عليه شرعه من الرفق وشرع الأحكام شيئًا بعد شيء، وجريانها على وجه السعة واليسر ومناسبة العباد، وما في خلقه من الحكمة؛ إذ خلق الخلق أطوارًا، ونقلهم من حالة إلى أخرى بحكم وأسرار لا تحيط بها العقول.
والرفق من العبد لا ينافي الحزم، فيكون رفيقًا في أموره متأنيًا، ومع ذلك لا يفوت الفرص إذا سنحت، ولا يهملها إذا عرضت" (5) ."
(1) لسان العرب 3/ 1694 - 1695.
(2) نونية ابن القيم 2/ 229 بشرح العيسى.
(3) سبق تخريجه ص 708.
(4) الحق الواضح المبين ص 63.
(5) توضيح الكافية الشافية ص 123.