وقال في موطن آخر: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} [النساء: 86] ، فيحفظ على العباد أعمالهم حسنها وسيئها، صغيرها وكبيرها ثم يجازيهم بما اقتضاه فضله وعدله وحكمه المحمود" (1) ."
وقال الخطابي رحمه الله تعالى:"الحسيب هو المكافئ فعيل بمعنى مفعل كقولك: أليم بمعنى مؤلم، تقول العرب: نزلت بفلان فأكرمني وأحسبني أي أعطاني ما كفاني حتى قلت: حسبي. والحسيب أيضًا بمعنى المحاسب، كقولهم: وزير ونديم بمعنى موازر ومنادم ومنه قول الله سبحانه: {u 4's"x. بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) } [الإسراء: 14] أي: محاسبًا والله أعلم" (2) ."
مما سبق من الأقوال يتحصل لنا في معنى (الحسيب) معنيان:
الأول: بمعنى الكافي والحافظ.
الثاني: بمعنى المحاسب.
من آثار الإيمان باسمه سبحانه (الحسيب) :
أولاً ما ذكر من الآثار في الإيمان باسمه سبحانه (الكافي) ، (الكفيل) يصلح أن يذكر هنا لتقارب المعنى في هذه الأسماء.
فالله سبحانه هو الكافي لعباده الذي لا غنى لهم عنه أبدًا، ولا يشاركه في ذلك أحد أبدًا، وإن ظن بعض الناس أن غير الله يكفيهم فهو ظن باطل، بل كل شيء لا يتم إلا بخلقه وأمره وتقديره سبحانه، وفي ذلك يقول الغزالي رحمه الله تعالى:"هو الكافي، وهو الذي من كان له كان حسبه، والله تعالى حسيب كل أحد وكافيه، وهذا وصف لا يتصور حقيقته لغيره، فإن الكفاية إنما يحتاج إليها المكفي، لوجوده، ولدوام وجوده، ولكمال وجوده."
وليس في الوجود شيء هو وحده كافٍ لشيء إلا الله تعالى، فإنه وحده كافٍ لكلِّ شيء، لا لبعض الأشياء أي: هو وحده كافٍ يتحصل به وجود الأشياء ويدوم به وجودها، ويكمل به وجودها.
ولا تظنن أنك إذا احتجت إلى طعام وشراب، وأرض وسماء، وشمس وغير ذلك، فقد احتجت إلى غيره، ولم يكن هو حسبك، فإنه هو الذي كفاك بخلق الطعام والشراب، والأرض والسماء فهو حسبك.
(1) تفسير السعدي ص 191.
(2) شأن الدعاء ص 69 - 70.