وصفة البصر من صفات الكمال كصفة السمع، فالمتصف بهما أكمل ممن لا يتصف بذلك، قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50) } [الأنعام: 50] .
وقال: {* مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (24) } [هود: 24] .
وقد أنكر إبراهيم عليه السلام على أبيه عندما عَبَدَ ما لا يُبصر ولا يسمع: {ّ zN د 9 تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) } [مريم: 42] .
وقال تعالى مُوبخًا الكفار ومُسفهًا عقولهم لعبادتهم الأصنام التي هي من الحجارة الجامدة التي لا تتحرك، ولا تملك سمعًا ولا بصرًا: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا}
[الأعراف: 195] .
أيّ: أنتم أكمل من هذه الأصنام، لأنكم تسمعون وتبصرون فكيف تعبدونها وأنتم أفضل منها؟! (1) .
قال الأصبهاني رحمه الله تعالى:"وأما (البصير) فهذا الاسم يقع مشتركًا، فيقال: فلان بصير - ولله المثل الأعلى - والرجل قد يكون صغيرًا لا يُبصر ولا يميز بالبصر بين الأشياء المتشاكلة، فإذا عَقَل أبصر فميَّزَ بين الرديء والجيد، وبين الحسن والقبيح، يُعطيه الله هذا مدَّةً ثم يسلبه ذلك، فمنهم من يسلبه وهو حي، ومنهم من يسلبه بالموت."
والله بصير لم يزل ولا يزول، والخَلق إذا نظر إلى ما بين يديه عَمِيَ عما خلفه وعما بَعدَ منه، والله تعالى لا يعزب عنه مثقال ذرة في خَفيَّات مُظلم الأرض، وكل ما ذَكَرَ مخلوقًا به وصفه بالنَّكرة، فإذا وَصَفَ به ربَّه وصفه بالمعرفة"."
(1) نقلاً عن النهج الأسمى، محمد الحمود النجدي 1/ 237، 238.