فمنع ذي القربى والمسكين وابن السبيل حقهم انحراف في جانب الإمساك، والتبذير انحراف في جانب البذل، ورضا الله فيما بينهما" (1) ."
ثم إن الكرم المطلوب من العبد لا يتوقف على الكرم بالمال فحسب، وإنما يدخل فيه الكرم بالجاه والكرم بالعلم، والكرم بالنفس والجود بها في سبيل الله.
خامسًا: كثرة دعاء الله - عز وجل - وطلب الحاجات منه سبحانه، مهما كان قدر هذه الحاجة وإحسان الظن به تعالى، فإن تأخير أو منع إجابة الدعاء وقضاء الحاجة، لا يقدح في كرم الله سبحانه وجوده، بل إن منعه سبحانه قضاء حاجة عبده المؤمن هي في ذاته كرمًا منه سبحانه ورحمة، إذ قد يكون في قضاء الحاجة التي يلح العبد في قضائها هلاك له في دينه أو دنياه، والله سبحانه بمنه وكرمه ورحمته لا يستجيب له لما يعلم من ضررها عليه لو حصلت له (2) .
سادسًا: المكرم من أكرمه الله تعالى بالإيمان والهدى ولو كان فقيرًا مبتلى، والمهان من أهانه الله تعالى بالكفر والفسوق والعصيان ولو كان غنيًا ووجيهًا ذا مال وبنين: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج: 18] ، هذا هو ميزان الإكرام والإهانة وليست هي موازين المال والبنين والجاه والسلطان التي يوزن بها الناس اليوم، قال الله - عز وجل: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا} الآية [الفجر:15، 16] ، وقال تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (56) } [المؤمنون:55، 56] .
اقتران اسمه سبحانه (الكريم) باسمه سبحانه (الغني) :
(1) الصلاة وحكم تاركها ص 226.
(2) الصلاة ص 193، 194.